فصل [4 - في كونه مخيرا بعد مضي السنة بين تملكها والتصدق بها أو تركها]:
وإنما قلنا إن السنة إذا مضت ولم يأت لها طالب: كان ملتقطها مخيرا بين تملكها والتصدق بها أو تركها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن لم يجيء (?) صاحبها فشأنك بها" (?) وهذا لفظ إباحة وإطلاق، فإنشاء تصدق بها لأنه (?) ليس عليه حفظها بعد السنة لما في ذلك من المشقة والكلفة ويكون عليه الضمان لأنه فعل ذلك على وجه التخفيف عن نفسه يتكلف حفظها وليس له أن يتلف مال غيره إذنه إلا بشرط الضمان للضرورة الداعية إليه، وإن (?) شاء تركها أمانة في يده كالوديعة لا شيء عليه في تلفها لأنه قبضها لمنفعة ربها خالصًا لا نفع له فيها فكان تلفها من ربها، وإن شاء استسلفها فكانت دينا في ذمته لأن الذمة قد تكون أحرز لها من اليد، ويكره ذلك عندنا لجواز أن يعسر عند مجيء صاحبها فيتعذر عليه ردها.
وإنما قلنا ردها إلى موضعها بعد أخذها إلى ما ذكرناه لأنه إذا أخذها بنية حفظها فقد تعلق حفظها عليه ولزمه ذلك، فردها بعد أخذها تعد إضاعة لما قد لزمه حفظه وذلك غير جائز، وإذا أخذها لا على هذا الوجه لم يتعلق عليه حفظها ولا لزمه إمساكها فلم يتعد بردها.
وإنما قلنا إن ضالة الإبل لا يأخذها واجدها لقوله - صلى الله عليه وسلم - جوابًا لمن سأله عنها "ما لك ولها معها سقاؤها وحذاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها" (?) وقال عمر رضي الله عنه لثابت بن الضحاك (?) ووجد بعيرا فعرفه