له مندوحة عنه، ولأن الضررين إذا تقابلا فالأول أولى بالمراعات لفضل السبق، ووجه الثانية أن للإنسان أن يتصرف في ملكه بما يحتاج إليه من وجوه التصرف، ولا يجب أن يمنع لحق الغير لأن أحدهما ليس بأولى من الآخر ولا أن يراعي فضل السبق لأن الأول قد عرض تصرفه للبطلان إذا علم أن لجاره أن يتصرف في ملكه.

فصل [2 - في عدم جواز منع فضل مياه البراري]:

الآبار المحتفرة في البراري وحيث لا ملك لأحد عليها ليس لأحد أن يمنع فضل مائها (?)، لأن الناس كلهم شركاء فيها، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الناس شركاء في ثلاث: فذكر الماء والكلأ ... " (?)، وإن كان هو الذي حفرها في ذلك الموضع فليس له منع فضلها، فالذي يحتاج إليه أولى فإذا استغنى وحصل له قدر كفايته كان ما بقي (?) للمسلمين ولم يكن له منع الفضل خلافًا لمن جعل له ذلك: لأن آبار الماشية التي تحفر في البراري إنما تحفر للسبيل ولينتفع بها الحافر وغيره ولا تُحفر للتمليك والإحياء، ولأنه ليس لأحد أن يحيي في المواضع التي يتشاح الناس فيها بغير إذن الإِمام لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حمى إلا لله ولرسوله" (?)، وإذا منع الماء الفاضل عن قدر حاجته كان ذلك منعًا من الشرعي لأن أحدا لا يرعي إلا على ماء، فإذا ثبت ذلك فليس له أخذ عوض عليه لأن حفرها على وجه السبيل على ما بيناه لأن الموضع ليس بملك له ولا حفرها على وجه الإحياء فتكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015