إلى معاونته ولا تعلق لكسبه بعمله، فإنما قصد الغرر والقمار فقط فلأن كل واحد منهما يشارك الآخر فيما ينفرد بكسبه ليشاركه الآخر في مثل ذلك فلم يصح، أصله إذا قال: اعتبر في مالك لنفسك واتجر أنا في مالي لنفسي فما ربحت ذلك نصفه وما ربحت أنت فلي نصفه، وإنما شرطنا أن يكونا في موضع واحد لأن التساوي في العمل لما كان معتبرًا وكان لا يمكن الرفق والمعاونة إلا على هذا الوجه وجب اعتباره.
وإنما أجزنا الشركة بالعروض وصفتها: أن يخرج أحدهما ثوبًا والآخر ثوبًا أو عرضا (?) غيره، ويعقدا الشركة بينهما على أن يكون الربح بقدر رأس المال فيصح عندنا وإن لم يذكر أثمانًا ولا قالا: أن ثمن هذا الثوب كذا وثمن هذا الآخر كذا، وإذا سكتا عن ذلك انعقدت الشركة بينهما على قيمة العروض فيكون رأس مال كل واحد قيمة عرضه وسواء كانت العروض مما يتميز أعيانها الثياب والدراهم السود مع البيض، أو مما لا يتميز كالحنطة والعسل، وقال الشافعي: إن كانت الشركة على أثمان العروض صحت (?) مثل أتى يقول أحدهما: ثمن عرضي مائة، ويقول الآخر: ثمن عرضي مائتان فيعقدا الشركة على ذلك ويكون رأس المال ثمن العرضين، فأما إن سكتا فينظر: إن كان العرضان لا يعرفان بأعيانها ولا يتميزان بالخلطة، فإن الشركة تصح بينهما، وإن كانت مما يتميز كالثياب وغيرها فلا تصح مع سكوتهما، ودليلنا على جواز الشركة بالعروض على الوجه الذي قدرناه (?) قوله تعالى {أوفوا بالعقود} (?) ولأن العروض أعيان أموال، فجازت الشركة فيها وإن لم يسميا أثمانها اعتبارًا بما لا يتميز.
...