فصل [2 - في حكم عقد الجعالة من حيث اللزوم والجواز]:
الجعل جائز وليس بلازم إلا أن يشرع المجعول له في العمل فيلزم (?)، وذلك لأن العمل جار فالجواز فيه دون اللزوم فلم يجز إخراجه عن بابه، وإذا شرع في العمل فقد حصل أحد الطرفين فلا يجوز إبطاله (?)، وإنما يجوز عندنا في الشيء الخفيف الذي لا خطر له أو ما لا ينحصر بأجرة، فأما ما يمكن أن يعقد عليه إجارة فيه أولى لأنها أبعد عن الغرر، ولأن العقد ينحصر من الطرفين فكان أولى.
فصل [3 - عدم جواز كون الأجرة في الجعل مجهولة]:
لا يجوز أن تكون الأجرة في الجعل مجهولة (?) لأنه غرر، ولأن الجهل يدخل العقد من الطرفين، ولأن الجهل في العمل إنما يجوز للضرورة إليه لأنَّه لا يمكن حصره ولا ضرورة إلى ذلك في الجعل، فمن ذلك أن يجعل لمن جاء بعبده الآبق أو جمله الشارد نصفه لا يجوز لأنه لا يعرف صفته وقت المجيء به.
يجوز حصاد الزرع وجذاذ الثمر بنصفه لأنه معلوم، وإن قال: احصده فما حصدت من شيء ذلك نصفه أو ثلثه (?)، فجائز أيضًا لأنه معلوم، ولأن كل جزئين من الزرع مستحق بإزائها جزء منه، فإن قيَّد ذلك بزمان بعينه مثل: أن يقول احصد زرعي هذا اليوم، فما حصد منه ذلك نصفه: فقيل: لا يجوز لأن قدر ما يحصد في اليوم غير معلوم، وقيل: يجوز لأن الأجرة في الجملة مقدرة.
فأما نفض الزيتون بنصف ما يسقط منه: فإن أراد تحريك الشجرة وله نصف ما يسقط فذلك مجهول، وإن أراد الجميع جاز.