قوله سبحانه: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (?) أنَّه دلالة على أن المراد في القرآن بالأقراء الأطهار ولو أراد الحيضة لقال عزّ من قائل: ثلاث قروء، لأن العربَ تدخل التاء في عدد المذكر من الثلاثة إلى العشرة وتحذفها من المؤنث فإثباتها في قوله: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} يدل على أن المراد الأطهار. وهذا غلط لأن العرب قد تراعي في التذكير والتأنيث اللفظ المقرون به العدد فتقول: ثلاثة منازل، وهي تريد ثلاث ديار وإن كانت الدار مؤنثة لأن لفظ المنزل مذكر، وقد تعتبر المعنى أحيانًا. قال ابن أبي ربيعة: [الطويل]

فَكَانَ مِجَنِّي دُونَ مَا كُنْتُ أتَّقِي ... ثَلاَثُ شُخُوصٍ كَاعِبَان وَمُعْصِرُ

فأنث على معنى الشخوص لا على اللفظ. وحكى أبو عمرو بن العلاء أنه سمع أعرابيا يقول: فلان جاءته كِتَابي فاحتقرها. قال: فقلت له: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: نعم أليس بصحيفة؟ فأخبر أنه أنَّث مراعاة للفظ صحيفة (?) الذي لم يذكره لما كانت في المعنى هي الكتاب المذكور، ونحو من هذا قول الشاعر: [الطويل]

أَتَهْجُرُ بَيْتًا بِالحِجَازِ تَلَفَّعَتْ ... بِهِ الخَوْفُ وَالأعْدَاءُ أمْ أنْتَ زَائِرُهْ؟

أراد المخافة، فأنَّثَ لذلك.

وقال آخر: [الطويل]

غَفَرْنا وَكَانَتْ مِنْ سَجِيَّتِنَا الغُفْرُ

أنَّثَ الغفر لأنه أراد المغفرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015