دلالة على أن الجماعة مأمورون بالأذان وإن لم يكونوا في مسجد. وفيه دلالة أيضاً على أن الأذان ليس بمستحق للأفضل. ويحتمل أن يكون الفرق بين الأذان والإِمامة (?) أن القصد من الأذان الإِسماع. وذلك متأت من غير الأفضل كَتَتأتِيه من الأفضل بل ربما كان الأنقص فضلاً أرفع صوتاً.
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: "فاطلبوا لي أنداكم صوتا" وهو هاهنا بمعنى أبلغ في الإِسماع. قال الشاعر: [الوافر]
فقلتُ: ادْعى وَأدعو إن أندى ... لِصوت أنْ يُنَادِيَ دَاعِيان
وأما أمره - صلى الله عليه وسلم - أن يؤم أكبر فنحمله على أنهم يتساوون (?) فيما سوى السن من الفضائل المعتبرة في الإِمامة بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "يؤم القوم أفقههم" (?). وتقديم الأفقه عندنا أولى ثم القاري بعده ثم بعد ذلك فضيلة السن، وعند أبى حنيفة: أن القاري أولى من الأفقه. وحجتنا عليه قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - "أفقههم" ولأن الحاجة تمس إلى الفقه في الصلاة أكثر من الحاجة إلى معرفة وجوهِ القراءات فإن احتج بقوله عليه السلام في حديث آخر: "يؤم القوم أقرأهم" (?) قلنا فإن أصحابنا تأولوه على أن الأقرأ هاهنا هو [الأفقه] (?) لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتفقهون من القرآن فأكثرهم قرآنا أكثرهم فقها.
271 - ذكر في حديث الوادي: "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - نَامَ" (ص 471).
قال الشيخ -وفقه الله-: إن قيل: ما معنى قوله في الحديث الآخر: