قال ابن الأعرابي: تقول العرب عند إنكار الشيء: قفّ شعري واقشعر جلدي واشمأزت نفسي.
قال الشيخ وفقه الله: وإنكارها في هذا الحديث (?) وفي غيره على من سألها عن الرؤية محملهُ عند أهل العلم على أنها إنما (?) أنكرت (?) الرؤية في الدنيا لا أنها ممن تحيل جواز رؤية الباري سبحانه كما قالت المعتزلة.
108 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ سَألَهُ أبُو ذرّ: هَلْ رَأيْتَ رَبَّكَ تعالى؟ قال: "نور أنَّى أرَاهُ" وفي نُسْخَةٍ أخرَى "نُورَانّي" (?). وفي طريق أخرى أن القائل قال له: "لو رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَسَألْتُهُ. فَقَالَ: وَعَنْ أيِّ شَيْءٍ كنتَ تَسألُهُ؟ قُلْتُ (?): هل رَأى رَبَّهُ؟ قال أبو ذر: سَألْتُهُ. فَقَالَ: رَأيْتُ نُورًا" (ص 161).
قال الشيخ -وفقه الله-: إن قيل ظاهر الخبرين متناقض لأن الأول فيه: أن النور يمنع رؤيته، والثاني فيه: أن النور مرئي. قلنا: يصحّ أن يكون الضمير في قوله "أراه" عائداً على الله سبحانه، وقوله "نور أنّى أراه" يعني أن النور أعشى (?) بصري ومنعني من الرؤية، كما جرت العادة بإعشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه، فيكون انتهاء رؤيته - صلى الله عليه وسلم - إلى النور خاصة، وهو الذي أدرك؛ فإذا أمكن هذا التأويل لم يكن ذلك مناقضاً للخبر الآخر، بل هو مطابق له لأنه أخبر فيه أنه رأى