ما وقع في هذه الأحاديث وأمثالها على أن ذلك فيمن لم يوطن نفسه على المعصية وإنَّما مرَّ ذلك بفكره من غير استقرار ويسمى مثل هذا الهَمَّ، ويفرق بين الهم والعزم فيكون معنى قوله في الحديث: "إنَّ مَن هَمَّ لم يكتب عليه" على هذا القسم الذي هو خاطر غير مستقر. وخالفه كثير من الفقهاء والمحدثين أخذًا بظاهر الأحاديث. ويُحتج (?) للقاضي بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفِيهِمَا" الحديثَ (?) وقال فيه: "لأنه كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" فقد جعله مَأثوما (?) بالحرص على القتل وهذا قوله قد (?) يتأولونه على خلاف هذا التأويل فيقولون: قد قال: "إذَا التقى المسلمان بِسَيْفّيهِمَا"، فالإِثم إنما يتعلق بالفعل والمقابلة وهو الذي وقع عليه اسم الحرص هاهنا. ويتعلق بالكلام في الهم ما في قصة يوسف عليه السلام وهو قوله تعالى: {وَهَمَّ بِهَا} (?) أمَّا على طريقة الفقهاء فذلك مغفور له غير مأخوذ به (?) إذا كان شرعه كشرعنا في ذلك، وأما على طريقة القاضي فيحمل ذلك على الهَمّ الذي ليس بتوطن (?) للنفس ولو حمل على غيره لأمكن أن يقال: هي صغيرة، والصغائر تجوز على الأنبياء على أحد القولين. وقد قيل في تأويل الآية غير ذلك مما يتسع بسطه ولا يحتاج إلى ذكره هاهنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015