القصة لها قدرة عظيمة في جذب النفوس، وحشد الحواس كلها للقاص. وذلك لأن القصة بطبعها محببة إلى النفس البشرية، لما فيها من ذكر أخبار الماضين، وذكر الوقائع، والنوادر وغير ذلك، أضف إلى ذلك أن القصة من شأنها أنها تعلق بالذهن ولا تكاد تنسى وهذا أمر واضح للعيان يعلمه كل أحد. ولذا فقد اعتنى القرآن الكريم بذكر القصص في القرآن لما فيها من تسلية النفس، وتقوية العزائم، وأخذ العبر والاتعاظ ومعرفة أخبار الماضين، وحفظ الأحداث.
وغيرها كثير، والقرآن الكريم لم يعرض هذه القصص لمجرد التسلية فقط، لا. بل إن المتأمل لهذه القصص يجد بين طياتها وبين ثناياها تقرير مسائل التوحيد، وكذلك بيان حكم الله الباهرة وسننه في عباده التي لا تتبدل ولا تتغير، وقد يوجد في بعض منها بيان أحكام فقهية كقوله تعالى في قصة يوسف {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} والأحكام الفقهية التي نأخذها من هذه الآية هما: الجعالة والكفالة (?) وقوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} أي: أجرة له على وجدانه. وقوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} أي: كفيل، وهذا بقوله المتفقد. (?)