قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَقَدْ كَانَ قَدِمَ مُطَرِّفٌ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، وَكَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ مَنْزِلِ الْحُمَيْدِيِّ فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَنِي الْحُمَيْدِيُّ فَقَالَ لِيَ: إِلَى أَيْنَ؟
قُلْتُ: إِلَى مُطَرِّفٍ أَقْرَأُ كِتَابَ الْمُوَطَّأِ. فَقَالَ: وَلَمْ تَسْمَعِ الْمُوَطَّأَ مِنْ عَبْدِ الله ابن مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ؟ قُلْتُ: بَلَى قَدْ سَمِعْتُهُ. فَقَالَ: انْصَرِفْ إِلَى الطَّوَافِ وَلَا تَشْتَغِلْ بِهِ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ مُنْصَرِفًا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: ابْنُ قَعْنَبٍ كَانَ يَخْتَارُ السَّمَاعَ عَلَى الْقِرَاءَةَ فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أن يثبت فِي الْعَرْضِ عَلَى مَالِكٍ. وَقُلْتُ أَوْ قَالَ لِي: وَهُوَ الَّذِي قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ الْعَرْضَ مِثْلَ السَّمَاعِ وَيَتَهَاوَنُونَ بِالْعَرْضِ أَيْضًا. قُلْتُ لَهُ:
قَدْ سَمِعْتُ مِنْ وَقَفِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ [1] . فَقَالَ لَهُ [2] : أَرَأَيْتَ مَا تقول فيه «حَدَّثَنِي مَالِكٌ» سَمِعْتُهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَحْيَانًا أَكُونُ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ وَيَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ خَارِجًا مِنَ الْحُجْرَةِ فَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ. فَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هَذَا بِذَلِكَ عَلَى مَا قُلْتُ لَكَ، فَمَنَعَنِي سَمَاعُ الْمُوَطَّأِ مِنْ مُطَرِّفٍ لِهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ.
حَدَّثَنِي الْفَضْلُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ: مَنْ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ؟
قَالَ: ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ [3] هُوَ عَالِمٌ كَثِيرُ الْعِلْمِ أَوْ نَحْوَ هَذَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُ سَلَمَةَ [4] قَالَ: حَضَرْتُ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ تُعْرَضُ عَلَيْهِ مَسَائِلُ مَالِكٍ فَقُرِئَ عَلَيْهِ شَكَّ ابْنُ وَهْبٍ أَوْ كَلَامٌ نَحْوُهُ فذكرت ذلك لأحمد ابن حَنْبَلٍ فَقَالَ: لَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا، ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ثِقَةٌ وَقَدْ قَامَ فِي أَمْرِ