عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَامَ مَنْ بَعْدَهُ أَتْبَعُ النَّاسِ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَا [1] نَزَلَ بِهِمْ مِمَّا عَلِمُوا أَنْفَذُوهُ وَمَا [2] لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ عِلْمٌ سَأَلُوا عَنْهُ، ثُمَّ أَخَذُوا بِأَقْوَى مَا وَجَدُوا فِي ذَلِكَ، فِي [3] اجْتِهَادِهِمْ، وَحَدَاثَةِ عَهْدِهِمْ، فَإِنْ خَالَفَهُمْ مُخَالِفٌ، أَوْ قَالَ امْرُؤٌ غَيْرَهُ مَا [هُوَ] [4] أَقْوَى مِنْهُ وَأَوْلَى، تُرِكَ قَوْلُهُ، وَعُمِلَ بِغَيْرِهِ.

ثُمَّ كَانَ التَّابِعُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ يَسْلُكُونَ ذَلِكَ السَّبِيلَ وَيَتَّبِعُونَ تِلْكَ [5] السُّنَنِ، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْمَدِينَةِ ظَاهِرًا مَعْمُولًا بِهِ، لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ خِلَافَهُ، لِلَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ تِلْكَ [6] الْوِرَاثَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ انْتِحَالُهَا وَلَا ادِّعَاؤُهَا، وَلَوْ ذَهَبَ كُلُّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ يَقُولُونَ: هَذَا الْعَمَلُ بِبَلَدِنَا، وَهُوَ الَّذِي مَضَى [عَلَيْهِ] [7] مَنْ مَضَى مِنَّا لَمْ يَكُونُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ثِقَةٍ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي جَازَ لَهُمْ.

فَانْظُرْ- رَحِمَكَ اللَّهُ- فِيمَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ فِيهِ لِنَفْسِكَ، وَاعْلَمْ أَنِّي أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ دَعَانِي إِلَى مَا كَتَبْتُ بِهِ إِلَيْكَ إِلَّا النَّصِيحَةُ للَّه وَحْدَهُ وَالنَّظَرُ لَكَ وَالضَّنُّ بِكَ، فَأَنْزِلْ كِتَابِي مِنْكَ مَنْزِلَهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ تَعْلَمْ [8] أَنِّي لَمْ آلُكَ نُصْحًا، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.

وَكُتِبَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِسَبْعٍ مَضَيْنَ مِنْ صَفَرٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015