فِي إِقَامَةِ الدِّينِ، وَالْإِصَابَةِ فِي الرَّأْيِ، وَالْعِلْمِ بما مضى من أمر الناس، فكتب إِلَيْهِ زُرَيْقُ بْنُ الْحَكَمِ: إِنَّكَ كُنْتَ تَقْضِي بِالْمَدِينَةِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَيَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّا كُنَّا نَقْضِي بِذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ، فَوَجَدْنَا أَهْلَ الشَّامِ على غير ذلك، فلا نقض إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَطُّ لَيْلَةَ الْمَطَرِ، وَالسَّمَاءُ تَسْكُبُ عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِخُنَاصِرَةَ [1] سَاكِنًا.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقْضُونَ فِي صَدُقَاتِ النِّسَاءِ أَنَّهَا مَتَى شَاءَتْ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا تَكَلَّمَتْ فَدُفِعَ إِلَيْهَا، وَقَدْ وَافَقَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ وَأَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ مِصْرَ، وَلَمْ يَقْضِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ولا من بَعْدَهُمْ لِامْرَأَةٍ بِصَدَاقِهَا إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ فَتَقُومُ عَلَى حَقِّهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْإِيلَاءِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ حَتَّى يُوقَفَ وَإِنْ مَرَّتِ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَقَدْ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الَّذِي كَانَ يُرْوَى عَنْهُ ذَلِكَ التَّوْقِيفُ بَعْدَ الْأَشْهُرِ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْإِيلَاءِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: لَا يَحِلُّ لِلْمُوَلِّي إِذَا بَلَغَ الْأَجَلَ إِلَّا أَنْ يَفِيءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ أَوْ يَعْزِمَ الطَّلَاقَ. وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنْ لَبِثَ بَعَدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الَّتِي سُمِّيَ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُوقِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْإِيلَاءِ: إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تطليقة ثانية [2] ، وقال سعيد بن