وَسَلَّمَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَنُظَرَاؤُهُ أَشَدَّ الِاخْتِلَافِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُمْ فَحَضَرْتَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَرَايَتُهُمْ [1] يَوْمَئِذٍ فِي الْفُتْيَا ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ [2] ، فَكَانَ مِنْ خِلَافِ [3] رَبِيعَةَ لِبَعْضِ مَا مَضَى مَا عَرَفْتَ وَحَضَرْتَ، وَسَمِعْتُ قَوْلَكَ فِيهِ وَقَوْلَ ذَوِي الرَّأْيِ من أهل المدينة يحي بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَكَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ وَغَيْرِ كَثِيرٍ مِمَّنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ حَتَّى اضْطَرَكَ مَا كَرِهْتَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى فِرَاقِ مَجْلِسِهِ. وَذَاكَرْتُكَ أَنْتَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعْضَ مَا نَعِيبُ عَلَى رَبِيعَةَ مِنْ ذَلِكَ فَكُنْتُمَا لِي مُوَافِقَيْنِ [4] فِيمَا أَنْكَرْتُ، تَكْرَهَانِ مِنْهُ مَا أَكْرَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ رَبِيعَةَ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَعَقْلٌ أَصِيلٌ، وَلِسَانٌ بَلِيغٌ، وَفَضْلٌ مُسْتَبِينٌ، وَطَرِيقَةٌ حَسَنَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَوَدَّةٌ صَادِقَةٌ لِإِخْوَانِهِ عَامَّةً وَلَنَا خَاصَّةً، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ وَجَزَاهُ بِأَحْسَنَ مِنْ عَمَلِهِ. وَكَانَ يَكُونُ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ إِذَا لَقِينَاهُ، وَإِذَا كَاتَبَهُ بَعْضُنَا فَرُبَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ عَلَى فَضْلِ رَأْيِهِ وَعِلْمِهِ- بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ يَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَا يَشْعُرُ بِالَّذِي مَضَى مِنْ رَأْيِهِ فِي ذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي يَدْعُونِي إِلَى ترك ما أنكرت تَرْكِي [5] إِيَّاهُ. وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا عِبْتَ [6] إِنْكَارِي إِيَّاهُ أَنْ يَجْمَعَ أَحَدٌ مِنْ [7] أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ، وَمَطَرُ الشَّامِ أَكْثَرُ مِنْ مَطَرِ الْمَدِينَةِ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا الله