مَضَى. قَالَ: فَجَاءَ مَخْرَمَةُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى جَدِّي وَأَبِي فَقَالَ: يَا مُنْذِرُ قَدْ عَرَفْتَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ، وَاللَّهِ إِنْ لم يعفني من عمله وَكَلَّفَنِي أَنْ أَلِيَهُ لَمْ أُكَلِّمْ أَبَاكَ حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا. فَقَالَ جَدِّي لِأَبِي: إِنَّ هَذَا مَجْنُونٌ فَخَلِّصْنِي مِنْهُ. وَذَهَبَ أَبِي إِلَى جَعْفَرٍ فَقَالَ: إِنَّ مَخْرَمَةَ لَنَا جَارٌ فَظَنَّ أَنِّي أَنَا الَّذِي كَلَّمْتُكَ فِيهِ، وَقَالَ لِأَبِي كَذَا وَكَذَا فَأُحِبُّ أَنْ تُعْفِيَهُ. قَالَ:
فَضَحِكَ وقال: قد أَعْفَيْنَاهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَشْيَاخُنَا.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ:
كَانَ النَّاسُ الَّذِينَ مَضَوْا يُحِبُّونَ الْعُزْلَةَ وَالِانْفِرَادَ عَنِ النَّاسِ، وَلَقَدْ كَانَ سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَانَ يَأْتِي إِلَى مَجْلِسِ رَبِيعَةَ فَيَجْلِسُ فِيهِ، فَكَانُوا يُحِبُّونَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَكَانَ أَبُو النَّضْرِ إِذَا كَثُرَ فِيهِ الْكَلَامُ- كَثُرَ فِيهِ النَّاسُ- قَامَ عَنْهُمْ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ النَّاسُ أَصْحَابَ عُزْلَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَتِيمُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ صَاحِبَ عُزْلَةٍ وغزو وحج.
حدثني يحي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مالكا يقول: ان عمر ابن حُسَيْنٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ