قَوْمٍ مُقِيمِينَ فِي بِلَادِهِمْ؟ وَلَوْ أَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ بِصَنْعَاءَ أَوْ بِعَدَنَ مَا هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنْ لَخْمٍ وَلَا جُذَامَ أَحَدٌ. فَقَامَ أَبُو حَدِيدَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَنَا فِي بِلَادِهِ حَيْثُ شَاءَ وَسَاقَ إِلَيْنَا الْهِجْرَةَ فِي بِلَادِنَا فَقَبِلْنَاهَا وَنَصَرْنَاهَا، أَفَذَلِكَ يَقْطَعُ حَقَّنَا يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ: لَكُمْ حَقُّكُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ قَسَمَ فَكَانَ لِلرَّجُلِ نِصْفُ دِينَارٍ فَإِذَا كَانَتْ مَعَهُ امرأته أعطاه دينارا، ثم دعا ابن قاطورا ٍصَاحِبَ الْأَرْضِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُوتِ فِي الشَّهْرِ وَفِي الْيَوْمِ؟
فَأُتِيَ بالمدي والقسط فقال: يكفيه هذا المديان فِي الشَّهْرِ وَقِسْطُ زَيْتٍ وَقِسْطُ خَلٍّ. فَأَمَرَ عُمَرُ بِمُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَطُحِنَا ثُمَّ عُجِنَا ثُمَّ خُبِزَا ثُمَّ أَدَمَهُمَا بِقِسْطَيْنِ زَيْتٍ ثُمَّ أَجْلَسَ عَلَيْهِمَا ثَلَاثِينَ رَجُلًا فَكَانَ كَفَافَ شَبَعِهِمْ، ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ الْمُدَّيْنِ بِيَمِينِهِ وَالْقِسْطَ بِيَسَارِهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْقُصَهَا بَعْدِي، اللَّهمّ فَمَنْ نَقَصَهَا فَانْقُصْ مِنْ عُمْرِهِ» [1] فَغَضِبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ. قَالَ سُفْيَانُ: قَدِ اعْتَذَرَ اللَّهُ اليّ في العمر، ثم قال عمر ابن الْخَطَّابِ: هَلْ مِنْ شَرَابٍ؟ فَقَالَ: عِنْدَنَا الْعَسَلُ وَعِنْدَنَا شَرَابٌ نَشْرَبُهُ مِنَ الْعِنَبِ، فَدَعَا بِهِ عُمَرُ فَأُتِيَ بِهِ وَهُوَ مِثْلُ الطِّلَاءِ- طِلَاءُ [2] الْإِبِلِ- فَأَدْخَلَ عُمَرُ فِيهِ إِصْبَعَهُ ثُمّ قَالَ: مَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ عِنْدِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِثَمَانِ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ لِي: بِمَاذَا قَدِمْتَ؟