لي في الشعب كِفَايَةً وَغِنًى-. قَالَ أَبُو عَبْدِ رَبٍّ: فَأَرَدْتُهُ أن يتبعني فأبى.
قال: فانصرفت (131 ب) وَقَدْ تَقَاصَرْتُ إِلَى نَفْسِي وَمَقَتُّهَا أَنِّي لَمْ أُخَلِّفْ بِدِمَشْقَ رَجُلًا فِي الْغِنَاءِ يُكَاثِرُنِي، وَأَنَا أَلْتَمِسُ الزِّيَادَةَ فِي ذَلِكَ، اللَّهمّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ سُوءِ مَا أَنَا فِيهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ رَبٍّ: فَتُبْتُ وَلَا يَعْلَمُ إِخْوَانِي مَا الَّذِي قَدْ أَجْمَعْتُ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْفَجْرِ رَحَلُوا كَنَحْوِ رِحْلَتِهِمْ فِيمَا مَضَى، وقدموا دابتي فصرفتها الى دمشق وقلت: ما لنا ... [1] النوبة إِنْ أَنَا مَضَيْتُ إِلَى شَيْءٍ، فَسَأَلَنِي الْقَوْمُ فَأَخْبَرْتُهُمْ، وَعَاتَبُونِي عَلَى الْمُضِيِّ فَأَبَيْتُ.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَلَمَّا قَدِمَ تَصَدَّقَ بِصَامِتِ مَالِهِ [2] وَجَهَّزَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَحَدَّثَنِي بعض إخواني قال: ما كست صَاحِبَ عَبَاءٍ بِدَابِقٍ فِي شِرَاءِ عَبَاءَةٍ قَالَ: أَعْطَيْتُهُ سِتَّةً وَهُوَ يَسْأَلُ سَبْعَةً، فَلَمَّا أَكْثَرْتُ، قَالَ لِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ. قَالَ: مَا تُشْبِهُ شَيْخًا وَقَفَ عَلَيَّ أَمْسِ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَبْدِ رَبٍّ اشْتَرَى مِنِّي سَبْعَ مِائَةِ كِسَاءٍ بِسَبْعَةِ سَبْعَةٍ، مَا سَأَلَنِي أَنْ أَضَعَ لَهُ دِرْهَمًا، وَسَأَلَنِي أَنْ أَحْمِلَهَا فَبَعَثْتُ أَعْوَانِي فَمَا زَالَ يُفَرِّقُهَا بَيْنَ فُقَرَاءِ الْجَيْشِ فَمَا وَصَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ إِلَّا بكساء.
قال ابن جَابِرٍ: كَانَ أَبُو عَبْدِ رَبٍّ قَدْ تَصَدَّقَ بِصَامِتِ مَالِهِ وَبَاعَ عَقَارَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ إِلَّا دَارًا لَهُ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ نَهْرَكُمْ هَذَا سَالَ [3] ذَهَبًا وَفِضَّةً مَنْ شَاءَ خَرَجَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا خَرَجْتُ إِلَيْهِ، وَلَوْ قِيلَ: مَنْ مَسَّ هَذَا الْعَمُودَ مَاتَ لَسَرَّنِي أَنْ أُقَرَّبَ إِلَيْهِ وَأَمُوتَ شَوْقًا إِلَى الله ورسوله [4] .