14327 - حدثنا محمَّد بن إسحاقَ بن راهُوْيَه، ثنا أبي، حدثنا عَطاء بن مسلم الخَفَّاف، عن الأعمش، قال: قال أبو عبد الرحمن -[462]- السُّلَمي: شهدنا مع عليٍّ صِفِّينَ، وقد وكَّلْنا بفَرَسِه رجُلَين (?) ، فكانت إذا كانت من الرجُل (?) غَفْلَةٌ غَمَزَ عليٌّ فرسَه، فإذا هو في عَسْكَر القوم، فيَرْجعُ إلينا وقد خُضِبَ سيفُه دمًا، ويقول إذا رَجَع: يا صحابي، اعْذِروني! اعْذِروني!
وكنَّا إذا توادَعْنا دخلَ هؤلاء في عسكَر هؤلاء، وهؤلاءِ في عسكَر هؤلاء (?) .
فكان عمَّارُ بن ياسر عَلَمًا لأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم، لا يسلُكُ عمارٌ واديًا من أودية صِفِّينَ إلاَّ تبعَهُ أصحابُ محمَّد، فانتهينا إلى هاشم بن عُتْبة بن أبي وَقَّاص وقد رَكَزَ الرايةَ، فقال (?) : ما لكَ يا هاشمُ، أعَوَرًا وجُبْنًا؟! لا خيرَ في أعورَ لا يغشى البَأْسَ. قال: فنَزَعَ هاشمٌ الرايةَ وهو يقول (?) :
أَعْوَرُ [يَبْغِي] (?) أَهْلَهُ مَحَلاَّ
قَدْ عَالَجَ الحَيَاةَ حَتَّى مَلاَّ
لاَ بُدَّ أَنْ يَفُلَّ أو يُفَلاَّ
-[463]- فقال له عمَّار: أقدِمْ [فإن] (?) الجنَّة تحت البارِقَة (?) ، قد تزَيَّن (?) الحورُ العِيْن، مع محمَّدٍ وحِزْبه! في الرَّفيق الأعلى! فحَمَلا، فما رَجَعا حتى قُتِلا.
وكنا إذا توادَعْنا دخل هؤلاءِ في عسكَر هؤلاءِ، وهؤلاءِ في عسكَر هؤلاءِ، فنظرتُ فإذا أنا بأربعةٍ يسيرون: معاويةُ، وأبو الأعور السُّلَمي، وعمرُو بن العاص، وابنُه؛ فقلتُ في نفسي: إن أخذتُ عن يمين اثنَيْن لم أسمَعْ كلامَهُم، فاختَرتُ لنفسي أن أضربَ فرسي، فأفرِّقَ بينهم، ففعَلتُ، فجعلتُ اثنَيْنِ عن يميني واثنَيْنِ عن يساري، فجعَلْتُ أُصْغي بسمعي أحيانًا إلى معاويةَ وإلى أبي الأعور، وأحيانًا إلى عَمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عَمرو، فسمعتُ عبدَالله بن عمرو يقول [لأبيه] (?) : يا أبةِ (?) ، قَتَلنا هذا الرجلَ، وقد قال فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قال! فقال: وأيُّ رجُل؟ فقال: عمَّار بن ياسر؛/ أما سمعتَ [خ: 321/ب]
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ يوم بنى المسجدَ، ونحن نحمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وعمَّارٌ -[464]- يحملُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، [فمرَّ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تَحْملُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ] (?) وأنت تُرحَضُ (?) ؟! أَمَا إِنَّهُ سَيقْتُلُكَ (?) الفِئَةُ البَاغِيَةُ، وأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» ، فسمعتُ عَمْرًا يقولُ لمعاويةَ: قَتَلنا هذا الرجلَ وقد قال فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قال! قال: أيُّ رجُل؟ قال: عمَّار بن ياسر؛ إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال يومَ بنى المسجِدَ، ونحن ننقُلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وعمارٌ يحمل لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فمَرَّ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا أَبَا اليَقْظَانِ، أَتَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ وأَنْتَ تُرْحَضُ؟! أَمَا إِنَّهُ سَتَقْتُلكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، وأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» ، فقال معاوية: اسكُتْ، فواللهِ ما تَزالَ تَدْحَضُ (?) في بَوْلك! أنحنُ قتلناه؟! إنما قَتَلَهُ من جاءوا به فألقَوْه بين رِماحِنا. قال: فتَنادَوا في عسكَر معاويةَ: إنما قَتَلَ عمَّارً (?) من جاءَ به (?) .