وقد بذلت له العروض المغرية للدخول في الوزارات المتعاقبة فأبى مؤثراً العمل الشعبي والبقاء بين الجماهير يعيش مشكلاتها وقضاياها عن الانشغال عنها بالمناصب والمغانم.

في عام 1951 رأس مصطفى السباعي وفد سورية إلى المؤتمر الإسلامي العالمي في الباكستان فكان من أبرز شخصيات المؤتمر وأكثرها نشاطاً وإنتاجاً. وفي عام 1954 رأس وفد سورية إلى المؤتمر الإسلامي المسيحي المنعقد في بحمدون، وألقى هناك خطابه المشهور عن (الإسلام والشيوعية) فذعرت له الدوائر الاستعمارية الغربية التي كانت تستتر وراء المؤتمر. وفي عام 1956 أوفدته الجامعة السورية إلى ديار الغرب لزيارة الجامعات الغربية والاطلاع على مناهج الدراسات الإسلامية فيها، فزار تركيا وإيطاليا وبريطانيا وايرلندا وبلجيكا وهولندا والدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا وألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا، واجتمع في هذه البلاد كلها بالمستشرقين من أساتذة الدراسات الإسلامية والشرقية، وناقشهم في مؤلفاتهم عن الإسلام، وكشف لهم الأخطاء العلمية والتاريخية التي وقعوا فيها، وبين لهم حقائق الإسلام بأسلوب علمي فأدهشهم بقوة حجته وغزارة علمه، وحضور بديهته وسعة آفاقه، ومرونة أسلوبه. وقد عاهده فريق منهم على أن لا يكتبوا عن موضوع إسلامي إلا بعد أن يراجعوه في صحة المعلومات التي وصلت إليهم. كما أنه استفاد من وجوده هناك فألقى المحاضرات في المساجد وفي الجامعات وفي الندوات مدافعاً عن حقوق العرب في فلسطين والجزائر، وعن قضايا الشرق والإسلام.

وفي عام 1957 سافر إلى موسكو مع إخوانه عمداء كلية الجامعة بدعوة من جامعة موسكو زار خلالها معظم الجامعات الروسية في مختلف الأقاليم، والتقى بأساتذة الدراسات الشرقية والتاريخية والاجتماعية، وناقشهم في أقوالهم وآرائهم في الإسلام، كما ناقش غيرهم من الشخصيات السوفييتية، فكشف لهم أخطاءهم ووضح لهم رأيه صريحاً في موقفه من الشيوعية في البلاد العربية، كما شرح لهم مواقف الشيوعيين في البلاد العربية من القضايا الوطنية والاجتماعية وفضح أخلاقهم وأساليبهم.

في عام 1955 أسس مصطفى السباعي مع إخوانه جريدة (الشهاب) التي استمرت حتى عام 1958، كما أصدر أيضاً عام 1955 مجلة (المسلمون) بعد احتجابها في مصر، وفي عام 1958، رأى تغيير اسم المجلة فسماها (حضارة الإسلام) وأفرد فيها باباً للقضية الفلسطينية باسم (الدرة المغتصبة) .

وفي عهد الشيشكلي في أواخر عام 1952، تعرض الدكتور السباعي لمضايقة السلطة الحاكمة التي فرضت عليه رقابة مزعجة تحصي عليه حركاته وسكناته. ولم يكتف الشيشكلي بهذه المضايقة بل طلب من أساتذة الجامعة ومن كبار الموظفين أداء قسم الولاء لعهده والدخول في الحركة التي أسسها باسم (حركة التحرير) ، ولكن السباعي رفض الانصياع للأوامر، فغضب الشيشكلي وأصدر مرسوماً بتسريحه من الجامعة، وأبعده عن البلاد فاختار لبنان وبقي فيه حتى أواخر عهد الشيشكلي، وهناك في لبنان التف حوله مئات الشباب الجامعي المثقف، وأظهروا له استعدادهم لإنشاء حركة إسلامية في لبنان بقيادته، وفعلاً أسس معهم الحركة التي استمرت تسير على النهج الذي رسمه لها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015