ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية لِيَعْمَل مُدَرِّساً في الجامعة الإسلامية، حيث التقى هناك بالأكابر من أهل العلم؛ الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-،والإمام محمد الأمين الشنقيطي، وغيرهم كثير، مما كان له أعظم الأثر في دعوته فيما بعد، وكان له من المكانة العظيمة عند الشيخ عبد العزيز ما جَعَلَته-رحمه الله- يقول حين سُئل مَن من أهل العلم يوصي في بلاد الشام، فقال-رحمه الله-:الشيخ (أبو مالك) محمد شقرة، ولذا لا يزال أولاد الشيخ عبد العزيز ينادون الشيخ شقرة: يا وصِيَّة والدنا.

ولقد عهد الشيخ عبد العزيز- رحمه الله - إلى الشيخ شقرة بعهدٍ ما فارَقَهُ أيَّاً منهما: ((يا أبا مالك لا تَمْنَعَنَّ أحداً من الناس شفاعتك)) ، وهذا ما يعلمه القاصي والداني عن الشيخ شقرة.

وبعد العودة من السعودية كانت البداية من مسجد السالك في الهاشمي الشمالي، في عمان، هو ورفيق دَرْبِه الشيخ أحمد السالك، في وقتٍ لم يكن يُعرَف للبدعة معنىً، ولا لمنهج السَّلف ذِكْرٌ - إلا النَّزْر اليسير -ولم تكن السنن إلا البدع، والبدع ما هي إلا السنن، حتى مَن كان يَمِيز هذه عن هذه كان يخشى أن يُصَرِّح بها، إذ مجُرَّد هَمْسِه بها كان يُضْحي عند الناس ((وهابِيَّاً)) وكفى بذلك تُهْمَةً بين الناس.

وأخذ العَدَاء يشتد من العامة، ومن رفقاء الدَّرب السابقين، ومن أقرب الأقرباء إليه، ولكنها كلمة كان يقولها لزوجه حين تأخذها عاطفة الخوف العاصِف عليه وعلى وَلَدِه: ((والله لو فَصَلوا رأسي عن جسدي ما تَوَقفت حتى يقضي الله أمره فيَّ، فإمَّا أن يَظهر المنهج وإمَّا أن أنتهي أنا)) .

واستمر في مسيرة الدعوة في أرض الأردن المباركة، وكان من أوائل ما صَنَعَه أن قام بدعوة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- وبقي مُقيماً في بيته ما يزيد عن الشهر، كان لهذا أثره في نشر الدعوة، وتوضيحها، وتتابعت من بعدها زيارات الشيخ الألباني للأردن، ليكون من بعده مُهاجَرَه، ومُسْتقرَّه، وأرض موته، لمِا رأى فيه من أمنٍ واستقرار، وهدائة نفسٍ رَضِيَها واطمأن إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015