{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ} أي من يهنهُ اللهُ لكفره أو فسقه {فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] [ينظر بحر 6/ 334] فهذا في قيمته عند الله تعالى مهما كان عند الناس. {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: 16] سَمَّى الإنسان ترك تفضل الله عليه بالمال إهانة، وليس بإهانه، فكم من عبد صالح مضيق عليه في الرزق [ينظر بحر 8/ 465]. {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة: 90] مُذِلّ يسحق نفوسهم جزاء تكبرهم [ينظر نفسه 1/ 474]. ومنه "الهُون - بالضم وكسحاب: نقيضُ العز (العز شدة وتماسك وشموخ) {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} [النحل: 59]، {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: 93] قال [في قر 7/ 42]: الهُونُ والهَوانُ سواء. وكذا قال [في 15/ 349] في قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} [فصلت: 17]. لكن بنظرة إلى الأصل نستطيع أن نلمح في هذه الآية معنى ما قاله عزَّ وجلَّ في ثمود أيضًا {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ صَيحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]. أي أن (الهُون) هنا مادِّيّ. فالعذاب الهُون هو العذاب الساحق.
وعن الليونة والرخاوة في الأصل "الهَوْنُ - بالفتح: الرفق واللين {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] وخفة الشيء وسهولته {قَال كَذَلِكَ قَال رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: 9]، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ} [الروم: 27]، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] (الضمير يعود إلى إفكهم على أمنا الكريمة السيدة عائشة رضي الله عنها). والذي في القرآن من التركيب بعضه من الإهانة ومنها (يُهن)، (هُون) و (مُهين)، (مُهان). وسائره من (الهَوْن) بمعنى اللين واليسر والسهولة.