أبو حيان: وهو (أي آمن) يتعدى بالباء، وباللام {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى} [يونس: 83] والتعدية باللام في ضمنها تعدٍّ بالباء [1/ 162 {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61] أي يسمع من المؤمنين ويسلّم لهم ما يقولون، ويصدقهم لكونهم مؤمنين فهم صادقون [وتكملة ذلك في الكشاف 2/ 276]: عنده، فعُدِّي باللام. ألا ترى إلى قوله {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: 17]، ما أَنْباه (: ما أبعده) عن الباء {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111]، {آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} [طه: 71، الشعراء: 49] اهـ[كشاف / الكتب العلمية]. وأقول إن خلاصة هذا: يسمع لهم سماع قبول: كمعنى (أَذِنَ). وهذا أقرب من تفسيره {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} بأنه يصدقهم إذا شهدوا يوم القيامة [ل أمن 164/ 10، 166/ 17].

وآمين -بالمد، وأمين- بالقصر معناها اللهم استجب (أي تقبل فهي من الأصل).

وقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72]، فُسِّرت بالفرائض، وبالنية، وبالطاعة [ل 163/ 22] وبكلمة التوحيد، وبالعدالة، وبحروف التهجي، وبالعقل (الراغب 25) وخلاصة ما أراه أخذًا من كلامهم ومن غيره أن الأمانة هنا هي التكليف والمسئولية عن التصرف. والتكليف تحميل في الذمة فهي من الأصل. وهذا يَجمعُ أوضحَ ما قالوه. والمسئولية عن التصرّف هي التي يتميز بها الإنسان وربما الجان أيضًا عن سائر المخلوقات. وهذا يتضح به تخصيص الإنسان في الآية الكريمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015