وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو بمعنى القلب عن الوضع الصحيح ماديًّا كما ذكر، أو معنويًّا كالقلْب أو الصرْف من الحق الباطل.

• (فكر):

{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 219]

"الفِكر - بالفتح والكسر: إعمالُ الخاطر أو النظرُ في الشيء. فَكَر في الشيء (ضرب - قاصر) وأفكر وتفكر بمعنى ". وفي [الفروق لأبي هلال 88]: "التفكر: تصرف القلب بالنظر في الدلائل ". وعبارة ابن فارس: "تردد القلب في الشيء " (والتعريفات الثلاثة متلاقية. وليس في التركيب استعمالات مادية).

Qترتيب المعاني الذهنية (الجزئية) وتقليبها للوصول إلى ما تؤدي إليه: فهذا معى عبارة أبي هلال وهي أوضحها وأقربها إلى معنى الفكر. {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} [المدثر: 18]، {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: 46]. (تُعْمِلوا أذهانكم في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنتم فرادى أو مثنى مثنى بُعْدًا عن تشويش الكثرة، فتستحضروا حاله وما جاء به فيتبين لكم استحالة أن يكون به جنة [ينظر بحر 7/ 277] ففيه بسط جيد. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، فهو - صلى الله عليه وسلم - يبين ثم على الناس أن يتفكروا. ودائرة التفكير هنا مطلقة فهي أوسع، فكأَنّ التفكير هدف مستقل. ولا عجب فهو خاصة الإنسان التي بها كُرّم، وأداته اللغة {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3، 4]. وقال تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [المدثر: 18، 19] أي فكر في القرآن ومن أتى به، وقدر في نفسه ما يقول فيه [بحر 8/ 366]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من التفكير بالمعنى الذي ذكرناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015