و (يُعْرَف) تتضح فيه الملامح الظاهرية بالتأمل {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] أي النبي الذي ذُكِر لهم نعته من قبل في التوراة [ينظر بحر 1/ 471] فثبتت سماته في أذهانهم، فلما ذكرت تلك السمات في القرآن عرفوا أنه الموصوف في التوراة. {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83] فالحق الذي عرفوه هو ذكر موسى وعيسى الذي علموه قبلا من التوراة والإنجيل، فلما سمعوه من القرآن عرفوا أنه حق [ينظر الكشاف 1/ 655]. ومن هذه المعرفة "التعارف {لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13 وكذلك ما في يونس: 45] ومنها كذلك العريف بشيء حدث {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ} [التحريم: 3] وأما {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 6] فقد فسر تعريفها هنا بمعرفة منازلهم فيها، كما فسّر بالتطييب من العَرْف الرائحة الطيبة [قر 16/ 231] وفي قوله تعالى {قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور: 53] فسّرت بأنها بداية كلام له محذوف يتممه أي طاعة معروفة أولى بكم من أَيْمانكم، أو ليكن منكم طاعة معروفة. كما فسّرت بأن المعنى: قد عُرِفت طاعتكم وهي الكذب والتكذيب [قر 12/ 296] أي تهكم. والعرف -بالضم- و "المعروف: ضد النُكْر والمنكر "، لأنه شيء جارٍ مألوفٌ مقبول يَعْرِفه كل أحد. وعُرِّف أيضًا بالإحسان وما يُسْتَحْسَن من الأفعال (فهو مألوف وجار ومقبول لدى ذوي الفطر السليمة) ويشمل ما فتح الشرع القلوبَ لقبوله)، "العُرْف والعارفة والمعروف: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس [قر 7/ 346] {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] وبهذا المعنى نفسه (المعروف) في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015