الأرض، إذ لو كانت الأرض منبسطة لما كان لها إلا مشرقا واحدا ومغربا واحدا، وحينئذ لا يكون لها مشارق متعددة ولا مغارب.
فغطاء القرآن في الأولى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لم يلغ عطاء القرآن في الثانية: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ، ولم يلغ عطاء القرآن في الثالثة: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ. والتقدم العلمي الذي غيّر كثيرا من المفاهيم عن الكون لم يغير شيئا من كتاب الله تعالى فقد بقي كما هو. ويفيد المعنى الجديد الذي جاء به العلم بل إن العلم ليؤكد هذه الحقائق التي جاء بها هذا الكتاب الكريم.
ولذلك سخر جميع الناس لحفظه مسلمهم وكافر هم. فهذا القرآن الكريم يطبعه أحيانا من لا يؤمن به كما نجد ذلك في أوروبا وأمريكا واليابان وغيرها.
والسر في هذا أن هؤلاء مسخرون بأمر الله للقيام بهذا العمل، حتى المسلم الذي لا يصلى ولا يصوم وحتى الملحد نجد القرآن في بيته أو مكتبه ليتحقق وعد الله بحفظه إذ يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9].
وقد حفظ الله هذا الكتاب الكريم لكل بني البشر بعد أن أصبحت الكرة الأرضية بأسرها كمكان واحد، بعد الانفجار المعرفي والتقدم في وسائل الاتصالات. فما يحدث في مكان بعيد يصل في طرفة عين إلى كل أنحاء الدنيا. والسبب في ذلك واضح وبسيط وهو أن هذا الكتاب دستور الوجود ولا ينقذ الإنسانية التائهة الحائرة الضالة مما هي فيه إلا هذا الكتاب الكريم:
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (29) [ص: 29].
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (44) [الزخرف: 44] أي: عن تبليغه للبشرية جمعاء وعن العمل به.