والانتقال من النثر إلى الشعر بأقوال البشر يعرف مباشرة، ولكن في القرآن آيات موزونة وفقا لموازين العروض ضمن سياق النصوص ولكن لا يشعر أي قارئ لكتاب الله أنه ينتقل من النثر إلى الشعر أو العكس كقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) [الأنفال: 38].
فعبارة: (إن ينتهوا يغفر لكم ما قد سلف) وزنها: مستفعلن مستفعلن مستفعلن من بحر الرجز ولكن لا تحس بهذا الانتقال من الشعر إلى النثر لأن القرآن الكريم ليس شعرا ولا نثرا ولا خطابة ولا سحرا ولا كهانة، بل هو نسيج وحده لأنه كلام الله الواحد الأحد لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) [الشورى: 11].
وهذا مثال آخر عن الكلام الموزون في القرآن الكريم، ولكن عند ما يقرأ لا يحس القارئ بالانتقال من النثر إلى الشعر ومن الشعر إلى النثر.
قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (50) وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) [الحجر: 45 - 52].
فعبارة: (نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم) موزونة كوزن الشعر ولا نحس بالانتقال من النثر إلى الشعر ثم من الشعر إلى النثر.
أما افتتاح السور بالحروف المقطّعة، فرجل أمي كمحمد صلّى الله عليه وسلّم يذكر لهم اسم الحرف (ألف- لام- ميم- كاف- ها- يا- عين- صاد) والإنسان الأمي قد ينطق الكلام، وقد ينطق الشعر والنثر ولكنه لا يستطيع أن يأتي بالحروف التي تتكون منها الكلمات. فإذا سألت أميا عن شيء فقلت له: ما