القرآن كلام الله تعالى وهو يخاطب جميع الأجناس والأقوام في شتى حالاتهم النفسية التي يمرون بها فهو يخاطب الحزين والمغضب، والحاكم والمحكوم، والعربي
والعجمي، والذكر والأنثى، والمتعصب والمعتدل .... وإذا دخلت إلى حلقة يتلى فيها القرآن بمسجد من المساجد وجدت فيها أكثر من مرّ ذكرهم وكلهم معجب بهذا القرآن وراض به، بينما لا يستطيع أي شخص أن يخاطب بكلامه فئات مختلفة من الناس وهم في ظروف نفسية متباينة بكلام واحد يعجبهم جميعا ويرضون عنه كلهم. فلا يستطيع أن يرضي المتعلمين والأميين والسعداء والمحزونين بكلام واحد في آن واحد.
فالله سبحانه أعلم بمخلوقاته من علمهم بأنفسهم وقد كان أبو بكر الصديق إذا مدحه أحدهم قال: اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون ولا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون.
ولهذا فإن السعيد يجد في القرآن ما يكمل سعادته، والحزين يجد فيه ما يخفف حزنه. والمصاب يجد فيه ما يهوّن عليه مصابه، والمتعلم يجد فيه ما يزداد به علما.
وإذا سألت شخصا ما الذي أعجبك في القرآن؟ فإنه يجيب جوابا عاما مختلفا عن غيره لبيان تأثير القرآن في كل النفوس، فكل النفوس تتأثر بهذا القرآن الكريم.
وقد عرف المشركون ذلك وخشوا الاستماع إليه لتأثيره في نفوس الأصدقاء والأعداء.
وقد بين لهم القرآن الكريم أنه يتألف من حروف هي حروفهم فبضاعته نفس بضاعتهم، وكلماته نفس كلماتهم. فلماذا لم تأتوا بكتاب مثله؟