سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37) هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (40) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (41) [آل عمران: 35 - 41].
فلما وضعت امرأة عمران وليدها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى [آل عمران: 36] فقد فكرت بمنطق الدنيا. ولكن الله يفعل ما يشاء أما قوله تعالى في الآيات: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى [آل عمران: 36]، فهذه الأنثى أفضل من غيرها من الذكور وسيكون لها شأن في المستقبل، ولذا فقد كفلها زكريا وهو نبي رسول نشأ على الإيمان. وعبارة كفلها زكريا تشير إلى أن أباها كان قد مات.
وكان زكريا إذا دخل معبدها وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء فيسألها أنى لك هذا فتقول هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
فلكل شيء في الوجود سبب، ولكن هناك أشياء تحدث بلا أسباب إذا أراد الله ذلك ولهذا دعا زكريا ربه أن يهبه ذرية طيبة مع أن امرأته عجوز فرزقه الله يحيى كما رزق مريم الفاكهة في غير أوانها.
يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9) [مريم: 7 - 9].
وهنا تتعطل الأسباب والقوانين المألوفة، فكما خلق الله زكريا من قبل ولم يك شيئا فهو قادر على أن يخلق يحيى من امرأة عاقر.