يدفعون حفظا لنظامهم والبقاء على تنظيم صفوفهم لكثرتهم فهم من كل الأجناس من الجن والإنس والطير، وهذا الجيش الذي لا مثيل له ولا نظير يبعث الرعب في النفوس حتى النمل تخاف منه:
حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [النمل: 18].
ويعرف سليمان عليه السلام قوة جيشه فيقول للهدهد:
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ [النمل: 37].
تصوير رائع في كلام موجز لم يترك ناحية من نواحي الجند إلا ألم بها. كثرة العدد والنظام والقوة بتعدد الأجناس- إلقاء الرعب في قلوب المخلوقات حتى التي لم يقصدها الجيش كالنمل فهو جمد مظفر بإذن رب العالمين.
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ [النمل: 15 - 16].
وهذه الوراثة وراثة علم لا وارثة مال وفي الحديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة»، والتفاهم مع الطير وتعلم منطقها علم لم تتوصل إليه البشرية إلى اليوم. وهو علم اللغات والعلم من كل شيء.
ومنطق الطير نجده في حواره مع الهدهد. حتى كان يفهم ما تقوله الحشرات كالنملة التي تحدثت مثلا، فقالت:
يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ