ما من رسول إلا جاء بمعجزة تدل على صدقه، وإن الأقوام الذين يريد الله أن يتحداهم يمكنهم من كل الأسباب ثم يعطل الله تعالى هذه الأسباب.
ومن الأمثلة على ذلك:
لقد حطم إبراهيم أصنام المشركين فأرادوا أن ينتقموا ويجعلوا إبراهيم عبرة لكل إنسان تسوّل له نفسه الاعتداء على الآلهة فجمعوا الحطب وأوقدوا نارا هائلة أمام الآلهة ليحرقوا بها إبراهيم. إنه منظر رهيب ...
وجاءوا به ليلقوه في النار فلماذا لم يأمر الله إبراهيم بالاختفاء أو الفرار؟
لو فعل ذلك إبراهيم لظلت هيبة الأصنام ولقالوا لو قبضنا عليه لأحرقناه. ولكن التحدي في سلب قوة الإحراق من النار وتعطيل سنن ونواميس الكون والقوة في النار. قال تعالى: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (69) وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) [الأنبياء: 69 - 70].
وفي هذا تحد لهم لأن نارهم لا تفعل شيئا إلا بأمر الله تعالى واستعملوا كلمة حرّقوه مشددة مبالغة في الحرق ولو لم يقل رب العالمين للنار وَسَلاماً لتجمد من شدة بردها عند ما قال لها كوني بردا ولهذا قال:
بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ، وكان من الممكن أن تنطفئ النار بفعل المطر ولو حصل ذلك لقال الكفار آلهتنا أطفأت النار وعفت عنه وهي قادرة على حرقه.
فمعجزة إبراهيم ليس أن ينجو من النار بالهرب أو غيره ولكن معجزته