وكذلك: فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ [الأنبياء: 102] وهو مفصل، لأن شهوات الأنفس مختلفة أو مفصلة في الوجود. وكذلك فتدبره في سائرها.
8 - ومنه: لِكَيْلا موصول في ثلاثة مواضع، وباقيها منفصل، وإنما يوصل حيث يكون حرف النفي دخل على معنى كلي فيوصل، لأن نفي الكلي نفي لجميع جزئياته، فعلة نفيه هي علة نفي أجزائه، وليس للكلي المنفي أفراد في الوجود، وإنما ذلك فيه بالتوهم، ويفصل حيث يكون حرف النفي دخل على جزئي، فإن نفي الجزئي لا يلزم منه نفي الكلي، فلا تكون علته علة لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً [الحج: 5]، لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ [الأحزاب: 50].
لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ [الحديد: 23].
فهذه هي الموصولة، وهي بخلاف لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً [النحل: 70] في النحل، لأن الظرف في هذا خاص الاعتبار، وهو في الأول عام الاعتبار لدخول «من» عليه، وهذا كقوله تعالى في أهل الجنة في:
قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ [الطور: 26]، اختص المظروف بقبل في الدنيا، ففيها كانوا مشفقين خاصة. وقال تعالى: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور: 26] فهذا الظرف عام لدعائهم بذلك في الدنيا والآخرة فلم يختص الظروف بقبل بالدنيا.
وكذلك: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً [الأحزاب: 37] فهذا المنفي هو حرج مقيد بظرفين.
وكذلك: كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ [الحشر: 7] فهذا النفي هو كون: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [الحشر: 7] دولة بين الأغنياء من المؤمنين، وهذه قيود كثيرة.