وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ [إبراهيم: 34] فحرف «ما» واقع على أنواع مفصلة في الوجود.

وفي قد أفلح كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ [المؤمنون: 44]، والأمم مختلفة في الوجود، فحرف «ما» وقع على تفاصيل موجودة لتفصل وهذا بخلاف قوله: كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ [المائدة: 70]، فإن هؤلاء هم بنو إسرائيل أمة واحدة، بدليل قوله:

فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ [البقرة: 91] والمخاطبون على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يقتلوا الأنبياء، إنما باشره آباؤهم، لكن مذهبهم في ذلك واحد، فحرف «ما» إنما يشمل تفاصيل الزمان، وهو تفصيل لا مفصل له في الوجود إلا بالفرض والتوهم، لا بالحس، فوصلت «كل» لاتصال الأزمنة في الوجود، وتلازم أفرادها المتوهمة.

وكذلك: كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً [البقرة: 25] هذا موصول، لأن حرف «ما» جاء لتعميم الأزمنة، فلا تفصيل فيها في الوجود، وما رزقوا هو غير مختلف، لقوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً [البقرة: 25].

4 - ومنه «أينما» موصول إذا كانت «ما» غير مختلفة الأقسام في الفعل الذي بعدها، مثل: أَيْنَما يُوَجِّهْهُ [النحل: 76]، فَأَيْنَما تُوَلُّوا [البقرة: 115] أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا [الأحزاب: 61]، أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ [النساء: 78] فهذه كلها لم تخرج عن «الأين» الملكي، وهو متصل حسّا، ولم يختلف فيه الفعل الذي مع «ما». وتفصل «أين» حيث تكون «ما» مختلفة الأقسام في الوصف الذي بعدها، مثل: أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ [الشعراء: 92] أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران: 112] وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [الحديد: 4].

5 - ومنه «بئسما» موصول، إلا ثلاثة أحرف: اثنان في البقرة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015