والأصم يفهم بالإشارة ما يفهم السميع بالعبارة والتولية يكون بجانب دون مُدْبِرِينَ فيدرك بالإشارة فجعل الفاصلة مُدْبِرِينَ ليعلم أن التولي كان بجميع الجوانب فلا يكلفهم شيئا البتة.
لمعرفة ذلك طريقان توقيفي وقياسي:
سئلت أم سلمة عن قراءة النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: كان يقطع قراءته آية آية، أي: يقف على كل آية ليعلم رءوس الآيات فما وقف عليه صلّى الله عليه وسلّم دائما تحققتا أنه فاصلة وما وصله دائما تحققتا أنه غير فاصلة وما وقف عليه مرة ووصله أخرى فيحتمل أحد لوجهين السابقين.
«وهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص المناسب ولا محذور في ذلك لأنه لا زيادة فيه ولا نقصان وإنما غايته محل فصل ووصل والوقف على كل كلمة جائز ووصل القرآن كله جائز فاحتاج القياس إلى طريق تعرّفه، فأقول:
فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر وقافية البيت في النظم. وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف فليس بعيب في الفاصلة بالحركة والإشباع».
البرهان في علوم القرآن صفحة: 98 - 99 والأصل في الفاصلة والقرينة المتجردة في الآية والسجعة المساواة.
أولا: ولهذا ترك عد وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء: 133]، وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ [النساء: 172]، كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ [الإسراء: 59]، لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ [مريم: 97] إلى آخر ما هنا لك.
ثانيا: كما عدوا نظائرها كقوله تعالى: لِأُولِي الْأَلْبابِ [آل عمران: 190].