لا يضيع عملا صالحا ولا يزيد على من عمل شيئا أية سيئات.

ج- ونظيره قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ، فقد ختم الآية مرة بقوله: فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً [النساء: 48]. ومرة بقوله: قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً [النساء: 167].

لأن الأولى نزلت في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه، والثانية نزلت في الكفار ولم يكن لهم كتاب وكان ضلالهم أشد وغير ذلك كثير في القرآن.

اتفاق الفاصلتين والموضوع مختلف

كقوله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ [الذاريات: 50 - 51].

أي: فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن وهي العبادة. أما الثانية: فتدعو إلى ترك الشرك واجتنابه، وهذا كقوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36].

من فائدة الفاصلة تمكين المعنى

كقوله تعالى: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [البقرة: 129].

فبعث الرسول تولية والتولية لا تكون إلا من عزيز غالب وتعليم الرسول الحكمة لقومه يستند إلى حكمة مرسله لأن الرسول واسطة بين المرسل، والمرسل إليه فلا بد أن يكون حكيما. فلا جرم أن يكون اقترانهما مناسبا وكقوله تعالى على لسان عيسى بالنسبة لقومه: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118].

ولم يقل الغفور الرحيم بالفاصلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015