والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما استرد الليل منا العنبرَا1
وفيها قال يمدح المعتضد:
عَبَّادٌ المُخْضَرُّ نائل كفه ... والجو قد لبس الرداء الأغبرَا2
قَدَّاح زَنْد المجد لا ينفك من ... نار الوغى إلا إلى نار القِرَى3
يختار أن يهب الخريدة كاعبًا ... والطِّرْف أجرد والحسام مُجوهرَا4
وفي هذه القصيدة يقول في وصف وقعة أوقعها المعتضد بالبربر:
شقيتْ بسيفك أمة لم تعتقد ... إلا اليهود وإن تسموا بربرَا
أثمرت رمحك من رءوس كُماتهم ... لما رأيت الغصن يعشق مُثمرَا5
وخضبت سيفك من دماء نُحورهم ... لما عهدت الحسن يلبس أحمرَا6
ومن أبيات هذه القصيدة بيت لم أسمع لمتقدم ولا متأخر بمثله، وهو قوله:
السيف أفصح من زيادٍ خطبةً ... في الحرب إن كانت يمينك منبرَا7
ولما أنشد المعتضد هذه القصيدة استحسنها وأمر له بمال وثياب ومَرِكَب، وأمر أن يكتب في ديوان الشعراء؛ فكان كذلك. ثم تعلق بالمعتمد على الله وهو إذ ذاك شاب، فلم تزل حاله معه تتزيد، ومَوَاتُّ8 خدمته له تقوى وتتأكد، إلى أن صار ابن عمار ألزق بالمعتمد من شعرات قَصِّه9، وأدنى إليه من حبل وريده10؛ كان المعتمد لا يستغني عنه ساعة من ليل ولا نهار.