فأول ما يقع الابتداء به ذكر جزيرة الأندلس1 وتحديدها والتعريف بمدنها ونبذ من أخبارها وسير ملوكها، من لدن فتحها إلى وقتنا هذا وهو سنة 621؛ إذ هي كانت مُعْتمد المغرب الأقصى، والمعتبرة منه، والمنظور إليها فيه. وهي كانت كرسي المملكة، ومقر التدبير، وأم قرى تلك البلاد؛ لم يزل هذا معروفًا من أمرها إلى أن تغلب عليها يوسف بن تَاشُفين اللَّمتوني2، فصارت إذ ذاك تبعًا لمراكش3 من بلاد العُدْوَة4، ثم تغلب عليها المصامدة بعده، فاستمر الأمر على ذلك إلى وقتنا هذا، فأقول وبالله التوفيق:
أما حدود جزيرة الأندلس؛ فإن حدها الجنوبي منتهى الخليج الرومي الخارج من بحر مانطس، وهو البحر الرومي5 مما يقابل طَنْجَة6، في موضع يعرف بالزُّقاق -سعة البحر هنالك اثنا عشر ميلًا-وهذا الخليج هو ملتقى البحرين، أعني بحر مانطس وبحر أُقيانس7.