وأما حال سائر الأندلس بعد اختلال دعوة بنى أمية، فإن أهلها تفرقوا فرقًا، وتغلب في كل جهة منها متغلب، وضبط كل متغلب منهم ما تغلب عليه، وتقسموا ألقاب الخلافة؛ فمنهم من تسمى بـ المعتضد، وبعضهم تسمى بـ المأمون، وآخر تسمى بـ المستعين، والمقتدر، والمعتصم، والمعتمد، والموفق، والمتوكل؛ إلى غير ذلك من الألقاب الخلافية؛ وفي ذلك يقول أبو علي الحسن بن رشيق1:
مما يزهدني في أرض أندلسٍ ... سماع مُقتدرٍ فيها ومعتضِدِ2
ألقاب مملكة في غير موضعِهَا ... كالهر يحكي انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ!
وأنا ذاكر -إن شاء الله في هذا الفصل- أسماءهم والجهات التي تغلبوا عليها، على نحو ما شرطت من الإجمال؛ إذ لكل منهم أخبار وسير ووقائع لو بسطت القول فيها خرج هذا التصنيف عن حد التلخيص إلى حيز الإسهاب. وأيضًا فالذي منعني عن استيفاء أخبارهم أو أخبار أكثرهم، قلة ما صحبني من الكتب، واختلال معظم محفوظاتي.