ستجدني إن شاء الله من الصابرين1! فبعث به إلى الصنهاجي فقتله.
وكان قد اعتقل ابني عمه محمدًا وحسنًا ابني إدريس بن علي في حصن إيرُش، فلما رأى ثقته الذي في الحصن اضطراب آرائه، خالف عليه وقدم ابن عمه محمد بن إدريس. فلما بلغ ذلك السودان المرتبين في قصبة مالقة، نادوا بدعوة ابن عمه محمد بن إدريس، وراسلوه بالمجيء إليهم وامتنعوا بالقصبة.
واجتمعت العامة إلى إدريس بن يحيى، واستأذنوه في حرب القصبة والدفاع عنه؛ ولو أذن لهم ما ثبت السودان فُوَاقَ ناقة2، فأبى، فقال لهم: الزموا منازلكم ودعوني؛ فتفرقوا عنه.
وجاء ابن عمه، فسُلم عليه، وبُويع بالخلافة، وتسمى بـ المهدي، وولى أخاه عهده، وسماه السامي، واعتقل ابن عمه إدريس بن يحيى في الحصن الذي كان هو معتقلاً فيه.
وظهرت من محمد بن إدريس هذا شهامة وجرأة شديدة هابه بها جميع البربر، وأشفقوا منه، وراسلوا المرتَّب في الحصن الذي فيه إدريس بن يحيى هذا واستمالوه، فأجابهم وقام بدعوة إدريس.
وقد كان إدريس أول ولايته بعد قتل نجا -كما تقدم- قد ولى سبتة وطنجة رجلين من بَرَغْوَاطَة، قبيلة من قبائل البربر، مع عبيد أبيه، اسم أحدهما رزق الله، والآخر سكات؛ فلما خلع إدريس كما تقدم، بقيا حافظين لمكانيهما.
فلما قام -كما ذكرنا- بدعوته صاحب حصن إيرُش، لم يظهر محمد مبالاة بذلك، بل ثبت ثباتًا شديدًا. وكانت والدته تشجعه وتقوي متنه وتشرف على الحرب بنفسها فتحسن إلى من أبلى. فلما رأى البربر شدة عزمه وثباته، فتَّ ذلك في أعضادهم3 وتخلوا عن إدريس بن يحيى، ورأوا أن يبعثوا به إلى سبتة وطنجة، إلى البرغْواطييْنِ اللذين ذكرنا، وقد كان إدريس جعل ابنه عندهما في حضانتهما؛ فلما وصل إليهما أظهرا تعظيمه ومخاطبته بالخلافة، إلا أنهما حجباه شديدًا ولم يدعا أحدًا من الناس يصل إليه، فتلطف4 قوم من أكابر البربر حتى وصلوا إليه، وقالوا له: إن