بدء الفتنة

واجتمع البربر عند ذلك فقدموا على أنفسهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر، وهو ابن أخي هشام القائم المذكور. فنهض بالبربر إلى الثغر، واستجاش النصارى وأتى بهم إلى باب قرطبة، فبرز إليه جماعة أهل قرطبة، فلم تكن إلا ساعة حتى قتل من أهل قرطبة نيف وعشرون ألف رجل، في جبل هنالك يعرف بجبل قنطش، وهي الوقعة المشهورة، ذهب فيها من الخيار والفقهاء وأئمة المساجد والمؤذنين خلق كثير. واستتر محمد بن هشام المهدي أيامًا، ثم لحق بطليطلة؛ وكانت الثغور كلها من طَرْطُوشة إلى الأشبونة باقية على طاعته ودعوته، واستجاش بالإفرنج وأتى بهم إلى قرطبة؛ فبرز إليه سليمان بن الحكم مع البربر، إلى موضع بقرب قرطبة على نحو بضعة عشر ميلاً يدعى دار البقر، فانهزم سليمان والبربر، واستولى المهدي على قرطبة؛ ثم خرج بعد أيام إلى قتال جمهور البربر، وكانوا قد عاثوا بالجزيرة، فالتقوا بموضع يعرف بوادي أره؛ فكانت الهزيمة على محمد بن هشام المهدي؛ وانصرف إلى قرطبة، فوثب عليه العبيد مع واضح الصقْلبي، فقتلوه وردوا هشامًا المؤيد -كما تقدم من قبل-.

فكانت مدة ولاية المهدي منذ قام إلى أن قتل سبعة عشر شهرًا1، من جملتها الأشهر الستة التي كان فيها سليمان بقرطبة، وكان هو بالثغر؛ وانقرض عقبه فلا عقب له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015