وكتاب آخر على نحو كتاب الخزرجي أبي السري سهل بن أبي غالب، سماه: كتاب الهجفجف بن غيدقان بن يثربي مع الخنوت بنت مخرمة بن أنيف، وكتاب آخر في معناه سماه: كتاب الجوَّاس بن قَعْطَل المَذْحِجي مع ابنة عمه عفراء، وهو كتاب مليح جدًّا، انخرم أيام الفتن بالأندلس، فنقصت منه أوراق لم توجد بعد. وكان المنصور كثير الشغف بهذا الكتاب، أعني الجواس، حتى رتب له من يخرجه أمامه كل ليلة. ويقال: إن أبا العلاء لم يحضر بعد موت المنصور مجلس أنس لأحد ممن ولي الأمور بعده من ولده، وادعى وجعًا لحقه في ساقه لم يزل يتوكأ منه على عصًا ويعتذر به في التخلف عن الحضور والخدمة إلى أن ذهبت دولتهم؛ وفي ذلك يقول في قصيدته المشهورة في المظفَّر أبي مروان عبد الملك بن المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وهو الذي ولي بعد أبيه، وأولها: من الوافر

إليك حَدَوْتُ ناجية الركابِ ... محملة أمانيَ كالهضابِ1

وبعت ملوك أهل الشرق طُرًّا ... بواحدها وسيدها اللُّبابِ2

وفيها يقول:

إلى الله الشَّكية من شكاةٍ ... رمت ساقي فجل بها مُصابِي3

وأقصتني عن الملك المُرجَّى ... وكنت أَرِمُّ حالي باقترابِي4

ومما استُحسن له قوله:

حسَبتُ المنعمين على البرايا ... فألفيت اسمه صدر الحسابِ5

وما قدمته إلا كأني ... أقدم تاليًا أم الكتابِ6

قال أبو عبد الله الحميدي: أخبرني أبو محمد علي ابن الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم، أنه سمع أبا العلاء ينشد هذه القصيدة بين يدي المظفر في عيد الفطر سنة 396 - قال أبو محمد: وهو أول يوم وصلت فيه إلى حضرة المظفر- ولما رآني أبو العلاء أستحسنها وأصغي إليها كتبها لي بخطه وأنفذها إلي. انتهى كلام الحُميدي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015