بذلك لنزول أجناد حمص إياها حين افتتح المسلمون الأندلس.

وقد زاد أمر هذه المدينة على صفة كل واصف، وأتى فوق نعت كل ناعت؛ وهي على شاطئ نهر عظيم ينصب من جبل شَقُورة؛ وتنصب فيه أنهار كثيرة، فلا يصل إلى إشبيلية إلا وهو بحر خِضَم1؛ تصعد فيه السفن الكبار من البحر الأعظم، تُرسى على باب المدينة، بينها وبين البحر الأعظم سبعون ميلًا، وذلك مرحلتان.

وهذه المدينة كانت قاعدة ملك بني عباد حسبما تقدم، ثم صيرها المصامدة منزلًا لهم أيام كونهم بالأندلس؛ منها ينفذ أمرهم، وفيها يستقر ملكهم. وبنوا بها قصورًا عظيمة، وأجروا فيها المياه، وغرسوا البساتين؛ فزاد ذلك في حسن هذه المدينة، أعني إشبيلية.

ومن إشبيلية إلى مدينة شِلْب التي على ساحل البحر الأعظم خمس مراحل؛ وبين ذلك بليدات صغار؛ كمدينة لَبْلَة، وحصن مَرْتُلة، ومدينة طبيرة، ومدينة العليا، والمدينة المعروفة بـ شنتمريَّة؛ هذه البلاد كلها فيما بين شلب وإشبيلية من مغرب الأندلس.

وبين قرطبة وبين البحر الرومي خمس مراحل؛ وقرطبة أيضًا على ساحل هذا النهر الذي ينصب إلى إشبيلية؛ يعظم جدًّا حتى تصعد فيه السفن كما تقدم، وينحدر من أراد في القوارب من قرطبة إلى إشبيلية، ويصعدون من إشبيلية إلى قرطبة؛ كهيئة النيل.

وبين مدينة إشبيلية ومدينة شَرِيش مرحلتان.

وبين شريش وبين البحر ثلاث مراحل.

فهذه جملة أخبار بلاد المغرب وجزيرة الأندلس ومسافات الأبعاد التي بين كل بلد وبلد على التقريب؛ منها ما سافرتُ فيه بنفسي، ومنها ما نقلته مستفيضًا عن السفار المترددين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015