فقال وقد مضى ليل وثانٍ ... ولم يسمعه غنى: ليت شعري
أجاري المُؤْنِسي ليلًا غناء ... لخيرٍ قطعُ ذلك أم لشرِّ؟
فقالوا: إنه في سجن عيسى ... أتوه به بليل وهو يسرِى1
فنادى بالطويلة وهي مما ... يكون برأسه لجليل أمرِ2
ويمم جاره عيسى بنَ موسى ... فلاقاه بإكرام وبرِّ3
وقال: أحاجة عرضت فإني ... لقاضيها ومتبعها بشكرِ!
فقال: سجنتَ لي جارًا يسمى ... بعمرٍو! قال: يُطلَق كل عمرو
بسجنى حيث وافقه اسم جار الـ ... ـفقيه ولو سجنتهمو بوِتْرِ! 4
فأطلقهم له عيسى جميعًا ... لجار لا يبيت بغير سكرِ!
فإن أحببت قل لجوار جارٍ ... وإن أحببت قل لطِلاب أجرِ
فإن أبا حنيفة لم يَؤُبْ من ... تطلبه تخلصه بوزرِ5
وتلخيص هذه الحكاية التي نظمها أبو عمر في شعره، أن أبا حنيفة6 -رحمه الله- كان يجاوره رجل كيال، فكان كل ليلة يأخذ سمكة ورغيفًا وشيئًا من النبيذ، فإذا صلى العشاء الآخرة أكل ثم شرب، حتى إذا انتشى رفع عقيرته7 واندفع ينشد هذا البيت: من الوافر
أضاعوني وأي فتًى أضاعُوا ... ليوم كريهةٍ وسداد ثَغْرِ