بِسم الله البرحمن الرَّحِيم = كتاب الْقيَاس الشَّرْعِيّ =
اعْلَم أَن الْغَرَض بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة أَن نورد الْوُجُوه الَّتِي يتَكَلَّم بهَا فِي الْقيَاس الشَّرْعِيّ على قسْمَة ملخصة وَنَذْكُر مَا يَدُور بَين الْفُقَهَاء فِي مناظرة الْفِقْه دون مَا يخْتَص أصُول الْفِقْه نَحْو الدّلَالَة على الْمَنْع من تَخْصِيص الْعلَّة وَمَا أشبه ذَلِك وَنحن أَولا نجد الْقيَاس لنستخرج من حَده الْقِسْمَة الَّتِي يَتَرَتَّب الْكَلَام فِي الْقيَاس عَلَيْهَا
الْقيَاس هُوَ إِثْبَات حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لاجتماعهما فِي عِلّة الحكم وَهَذَا الْحَد لَا يَشْمَل أَنْوَاع الْقيَاس كلهَا وَإِنَّمَا يَشْمَل قِيَاس الطَّرْد فَقَط وَالْفُقَهَاء يسمون قِيَاس الْعَكْس قِيَاسا وَلَيْسَ هُوَ إِثْبَات حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لاجتماعهما فِي عِلّة الحكم وَإِنَّمَا هُوَ إِثْبَات يَقْتَضِي حكم الشَّيْء فِي غَيره فَيَنْبَغِي إِذا أردنَا أَن نحد الْقيَاس بِحَدّ يَشْمَل قِيَاس الْعَكْس وَقِيَاس الطَّرْد أَن نقُول الْقيَاس هُوَ إِثْبَات الحكم فِي الشَّيْء بِالرَّدِّ إِلَى غَيره لأجل عِلّة وَذَلِكَ أَن قِيَاس الْعَكْس هُوَ رد الْفَرْع إِلَى أصل لكنه رد إِلَيْهِ ليثبت فِي الْفَرْع نقيض حكمه وَلَا بُد من اعْتِبَار عِلّة فِي الأَصْل أَيْضا وَاعْتِبَار نقيضها فِي الْفَرْع مِثَال ذَلِك أَن نستدل على أَن الصَّوْم من شَرط الِاعْتِكَاف بِأَن نقُول لَو لم يكن من شَرطه لم يلْزم أَن يعتكلف بِالصَّوْمِ إِذا نذر أَن يعْتَكف بِالصَّوْمِ كَمَا أَن الصَّلَاة لما لم تكن من شَرط الِاعْتِكَاف لم تكن من شَرطه وَإِن نذر أَن يعْتَكف بِالصَّلَاةِ فَالْأَصْل هَهُنَا هُوَ الصَّلَاة وَحكمه أَنه لَيْسَ من شَرط الِاعْتِكَاف وَنحن نُرِيد أَن نثبت نقيض هَذَا الحكم فِي الصَّوْم وَالْعلَّة فِي الصَّلَاة هِيَ أَنه لَا يلْزمه بِالنذرِ