الْوَاجِب لَا يكون لنا فعله وَإِنَّمَا قَالَ إِن لَفْظَة لكم لَا يخْتَص الْوُجُوب بل يسْتَعْمل فِي الْوَاجِب وَفِي غَيره فَلَيْسَ فِي ذكرهَا إِثْبَات للْوُجُوب قيل بل إِنَّمَا أورد الْمُجيب هَذَا الْكَلَام على جِهَة الِاسْتِدْلَال مِنْهُ على نفي الْوُجُوب لَا على أَن يدْفع اسْتِدْلَال خَصمه لِأَن خَصمه لم يسْتَدلّ على وجوب أَفعَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول الله عز وَجل {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} فَيُقَال لَهُ لَفْظَة لكك لَا يخْتَص الْوُجُوب وَإِنَّمَا اسْتدلَّ بقوله {لمن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْم الآخر} قَالَ وَهَذَا تهديد فَمَا أوردهُ الْمُجيب إِن لم يكن ابْتِدَاء اسْتِدْلَال مِنْهُ بِالْآيَةِ من حَيْثُ أَنه لَا يُقَال لكم فِيمَا هُوَ وَاجِب فَلَيْسَ هُوَ يدْفع لاستدلال الْمُسْتَدلّ بِالْآيَةِ وَيَنْبَغِي أَن يَقُول لمن تكلم على الْآيَة بقوله إِن لَفْظَة لكم لَيْسَ من أَلْفَاظ الْوُجُوب إِن أوردت ذَلِك دفعا لاستدلال الْمُسْتَدلّ بِالْآيَةِ فالمستدل بِالْآيَةِ لم يقل إِن قَول الله عز وَجل {لكم} من أَلْفَاظ الْوُجُوب وَإِن أوردت ذَلِك اسْتِدْلَالا مِنْك على أَن أَفعَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيست على الْوُجُوب لم يَصح ذَلِك لما بَيناهُ فِي الْكتاب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِيمَا تدل عَلَيْهِ أَفعَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتروكه الْمُتَعَلّقَة بِغَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قد قُلْنَا أما أَفعاله الْمُتَعَلّقَة بِغَيْرِهِ فَهِيَ الْحُدُود وَالْقَضَاء على الْغَيْر ثمَّ قُلْنَا وقضاؤه على الْغَيْر وَإِن كَانَ من قبيل الْأَقْوَال فانه يَقْتَضِي لُزُوم مَا قضي بِهِ
وَلقَائِل أَن يَقُول لم أدخلتم الْقَضَاء فِي جملَة الْأَفْعَال مَعَ أَنه قَول وَأَنْتُم إِنَّمَا تتكلمون فِي أَبْوَاب الْأَفْعَال فِي الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ أَفعَال الْجَوَارِح وَالْجَوَاب إِنَّمَا تكلمنا فِي الْقَضَاء هَهُنَا لِأَنَّهُ كأفعال الْجَوَارِح بِالْغَيْر وَلم يجز ذكره فِيمَا قبل فذكرناه هَهُنَا لمشابهته للأفعال الْمُتَعَلّقَة بِالْغَيْر