إِن قيل إِذا قُلْتُمْ إِن مُوَافقَة الْأَمر هِيَ فعل مأموره ومخالفته هِيَ الْإِخْلَال بمأموره لزمكم إِذا كَانَت مُوَافقَة الْأَمر بالنوافل هِيَ فعل مأمورة أَن تكون مُخَالفَته هِيَ الْإِخْلَال بمامورة فَيكون التارك للنافلة مُخَالفا لأمر الله بهَا فَيكون دَاخِلا تَحت الْوَعيد فِي قَوْله {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} فَالْجَوَاب إِن الْأَمر بالنوافل هُوَ فِي تَقْدِير قَول الْقَائِل لغيره الأولى أَن تفعل وَلَك أَن لَا تفعل وَهَذَا يتَضَمَّن مَعْنيين فموافقته هِيَ شَيْئَانِ لَا شَيْء وَاحِد فاذا لَيْسَ مُوَافَقَته هِيَ أَن تفعل فَقَط بل مُوَافَقَته هِيَ أَن تفعل وَيجوز أَن تفعل فَيَنْبَغِي أَن يكون مُخَالفَته هِيَ أَن لَا تفعل مَعَ أَنه لَا يجوز أَن تفعل أَو أَن تفعل مَعَ أَنه لَا يجوز أَن لَا تفعل وَأما قَول الْقَائِل افْعَل إِذا لم تدل دلَالَة على جَوَاز ترك الْفِعْل فَلَيْسَ فِي ظَاهره إِلَّا أَن تفعل وَإِذا كَانَ ظَاهره استدعاء الْفِعْل فَقَط وَلَا يتَضَمَّن لَفظه شَيْئا آخر فموافقته هُوَ أَن تفعل لَا غير فَكَانَت مُخَالفَته نقيض أَن تفعل وَهُوَ الْإِخْلَال بِالْفِعْلِ
فصل
لَيْسَ يمْتَنع أَن يُقَال إِن المخل بالكفارات الثَّلَاث إِذا اسْتحق الْعقَاب على الْإِخْلَال بأجمعها فانه لَا يكون ذَلِك الْعقَاب هُوَ عِقَاب وَاحِد مِنْهَا بل عِقَاب يعلم الله قدره لَا ينْسب إِلَى وَاحِد مِنْهَا وَلَا يمْتَنع أَن يُقَال هُوَ عِقَاب أقلهَا عقَابا بِأَن يكون بَعْضهَا أَكثر مشقة فَيسْتَحق على الْإِخْلَال بِهِ عقَابا لَو انْفَرد وُجُوبه على مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْمُعْتَمد
فصل
إِذا نَاب أحد الْفِعْلَيْنِ منا الآخر فِي الْمصلحَة لم يجز أَن يُوجب الْحَكِيم