هَذَا ظان وَلَيْسَ هُوَ مُعْتَقدًا صِحَة رُؤْيَته وَلَا أَنَّهَا غير صَحِيحَة الْجَواب إِن قَوْلنَا فلَان شَاك فِي النقيضين أَو مجوز لكل وَاحِد مِنْهُمَا قد يُرَاد بِهِ أَنه غير مُعْتَقد وَلَا لوَاحِد مِنْهُمَا وَلَا ظان وَقد يُرَاد بذلك أَنه غير قَاطع على وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا فِي حكم الْقَاطِع كالجاهل فعلى هَذَا نصف الظَّان بِأَنَّهُ شَاك وَبِأَنَّهُ مجوز لما ظَنّه وَلغيره بِمَعْنى أَنه مجوز لكل وَاحِد مِنْهُمَا غير قَاطع فصح أَن نقُول إِنَّه قد غلب بِقَلْبِه أحد المجوزين إِذْ هُوَ مجوز لكل وَاحِد مِنْهُمَا غير قَاطع وَلَا فِي حكم الْقَاطِع وَلَا فرق بَين أَن نقُول تَغْلِيب بِالْقَلْبِ لأحد المجوزين ظاهري التجويز وَبَين أَن نقُول تَغْلِيب الْحَيّ بِالْقَلْبِ لأحد أَمريْن غير قَاطع على وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا فِي حكم الْقَاطِع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب إِثْبَات الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَحدهمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الأولى أَن نقسم الْحَقِيقَة إِلَى اللُّغَوِيَّة والعرفية والشرعية ثمَّ نحد كل وَاحِدَة مِنْهَا وَهُوَ أولى من أَن نحد الْكل بِحَدّ عَام لِأَنَّهُ يَقْتَضِي اضطرابا فِي الْحَد فَنَقُول
الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة هِيَ مَا أفيد بِهِ مَا وضع لَهُ فِي أصل اللُّغَة والحقيقة الْعُرْفِيَّة مَا أفيد بِهِ مَا وضع لَهُ فِي أصل الْعرف والحقيقة الشَّرْعِيَّة هِيَ مَا أفيد بِهِ مَا وضع لَهُ فِي أصل الشَّرْع وَاعْلَم أَنه إِذا حد الْمجَاز بِأَنَّهُ مَا أفيد بِهِ معنى مصطلحا عَلَيْهِ غير الْمَعْنى المصطلح عَلَيْهِ فِي الأَصْل بَطل إِذا وضع أهل اللُّغَة إسما لشَيْء ثمَّ تواضعوا على أَن يَجْعَلُوهُ إسما لشَيْء آخر وَلم ينقلوه عَن الأول لِأَنَّهُ قد أفيد بِهِ غير مَا وضع لَهُ فِي الأَصْل وَهُوَ مَعَ ذَلِك حَقِيقَة فِيهِ من جِهَة اللُّغَة كَمَا أَنه حَقِيقَة فِي الأول وَإِنَّمَا ينْفَصل من الْمجَاز بِالسَّبقِ إِلَى الأفهام فَيَنْبَغِي أَن نحد الْحَقِيقَة بذلك وَمَتى حددناها بذلك على الْإِطْلَاق لم يَصح أَيْضا لأجل الْحَقِيقَة الْمُشْتَركَة لِأَنَّهُ إِذا أفيد بِاللَّفْظِ أحد حقيقتيه لم يسْبق إِلَى الْفَهم دون