سُبْحَانَهُ لم يقل إِن كلا آتيناه حكما وعلما بِمَا حكم بِهِ وَيجوز أَن يكون آتَاهُ حكما وعلما لوجوه الِاجْتِهَاد بطرق الاحكام على أَنه لَيْسَ يجب إِذا كَانَا قد أصابا أَن يكون كل مُجْتَهد مصيبا فِي هَذِه الشَّرِيعَة
وَمِنْهَا أَن الصَّحَابَة تصوب بَعْضهَا بَعْضًا فِيمَا اخْتلفت فِيهِ فَلَو كَانَ بَعضهم مخطئا لَكَانَ تصويبه كذبا وَالْأمة لَا تَجْتَمِع على الْكَذِب قَالُوا تصويب بَعضهم بَعْضًا ظَاهر كظهور تصويب بَعضهم بَعْضًا فِي الآراء والحروب وَكثير من القراآت وَالْجَوَاب إِنَّا لَا نسلم لَهُم ادعاءهم تصويب بَعضهم بَعْضًا لَا فِي الْفُرُوع وَلَا فِي الآراء والحروب وَأما القراآت المروية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَيْسَ يجب من تصويب بَعضهم بَعْضًا فِيهَا أَن يكون بَعضهم قد صوب بَعْضًا فِي غَيرهَا وَلَيْسَ مَعكُمْ أَن كل وَاحِد مِنْهُم قَالَ لصَاحبه اصبت فِي قَوْلك وَقَالُوا أَيْضا قد كَانَ بَعضهم يعظم بَعْضًا وَلَو لم يصوبه لما عظمه فَيُقَال لَهُم لم زعمتم ان ذَلِك دَلِيل على التصويب مَعَ جَوَاز أَن يَكُونُوا إِنَّمَا عظم بَعضهم بَعْضًا لِأَن الْخَطَأ فِي ذَلِك مغْفُور أَو صَغِير أَو جوزوا كَونه صَغِيرا فَلم يتْركُوا التَّعْظِيم مَعَ التجويز فَلَيْسَ يجب إِذا تعلق كثير من الْفُرُوع بالفروج والدماء أَن يكون كثيرا مَتى كَانَ خطأ لِأَنَّهُ إِذا لم يمْتَنع أَن يكون صَوَابا مَعَ تعلقه بالفروج فأحرى أَن يكون تَجْوِيز كَونه خطأ مغفورا وَلَيْسَ أَن يكون خطأ ولتعلقه بالأمارات يُخَفف عِقَابه فَيكون صَغِيرا وَإِن صدر عَن صَاحب كَبِيرَة كَانَ مُتَفَاضلا بغفرانه فان قيل فان لم يقدموا على التبرىء لتجويزهم كَونه صَغِيرا فقد جوزوا كَونه كَبِيرا وَفِي ذَلِك تَجْوِيز بَعضهم كَون بعض صَاحب كَبِيرَة قيل مَا الْمَانِع من تجويزهم ذَلِك فِي غير مَعْصُوم أَلَيْسَ كَانَ بَعضهم يجوز فِي بَاطِن بعض أَن يكون بِخِلَاف ظَاهره مَا لَا يضْطَر أَنه متدين بِهِ وَلَيْسَ إِذا أَجمعت الْأمة على أَن قتل الْخَوَارِج مخالفيهم إِمَّا طَاعَة أَو كَبِيرَة يجب أَن يجمعوا على أَن مسَائِل الِاجْتِهَاد إِمَّا طَاعَة وَإِمَّا كَبِيرَة
وَمِنْهَا قَوْلهم لَو لم يصوب الصَّحَابَة كل الْمُجْتَهدين لأنكروا قَول المخطىء