كُله للْجدّ أمكن أَن يصطلحا أَو يحتكما إِلَى من يقْضِي بَينهمَا وَيُمكن إيقاف مَا فِيهِ الِاخْتِلَاف حَتَّى يسْبق اجْتِهَاد أَحدهمَا إِلَيْهِ فان أدّى اجْتِهَاد الْجد إِلَى أَن المَال لَهُ فِي حَال مَا أدّى اجْتِهَاد الْأَخ إِلَى الْمُقَاسَمَة فصل الْحَاكِم بَينهمَا وَلَا تهارج فِي ذَلِك
فَأَما الدّلَالَة على أَنه لَا يمْتَنع الْعقل أَن يكون المجتهدون فِي الْفُرُوع على اخْتلَافهمْ مصيبين فَهِيَ أَنا قد بَينا أَن الْمُجْتَهد إِنَّمَا كلف أَن يعْمل بِحَسب ظَنّه للأمارة الْأَقْوَى وَلَيْسَ بممتنع فِي الْعقل أَن يظنّ الْمُجْتَهد قُوَّة بعض الأمارات ويظن غَيره قُوَّة من غَيرهَا من الأمارات فَيلْزم كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يعْمل بِحَسب مَا ظَنّه وَإِن اخْتلف الفعلان فَيكون كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي فعله لما يَفْعَله مصيبا لما كلف وَلَيْسَ بممتنع فِي الْعقل أَن يكون الْفِعْل وَاجِبا على زيد وضده ونقيضه على غَيره فِي ذَلِك الْوَقْت وَيجوز أَن يجب عَلَيْهِ ضِدّه أَو نَفْيه فِي ذَلِك الْوَقْت على غير ذَلِك الشَّرْط فَيكون الْفِعْل مصلحَة على شَرط وضده ونفيه مصلحَة على شَرط آخر وَقد جَاءَ التَّعَبُّد الْعقلِيّ بذلك والشرعي أَلا ترى أَنه يجب على زيد الْأكل إِذا خَافَ التّلف فِي تَركه وَيجب عَلَيْهِ وعَلى غَيره تَركه إِذا خَافَ التف فِي فعله ومباح للزَّوْج الِاسْتِمْتَاع بِزَوْجَتِهِ ومحرم ذَلِك على غَيره وَعَلِيهِ أَيْضا إِذا طَلقهَا وَتجب على الطَّاهِر الصَّلَاة وَتحرم على الْحَائِض فاذا جَازَ تنَاول التَّكْلِيف للامور المتنافية على هَذِه الْوُجُوه لم يمْتَنع أَن يكون الْفِعْل مصلحَة إِذا أدّى الِاجْتِهَاد إِلَيْهِ ومفسدة إِذا أدّى الِاجْتِهَاد إِلَى غَيره فَيكون التَّكْلِيف تنَاوله وَتَنَاول ضِدّه بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فَمن أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى وجوب الْفِعْل كَانَ مُكَلّفا فعله وَمن أَدَّاهُ إِلَى تَحْرِيمه كَانَ مُكَلّفا تَركه فيكونان بفعلهما مصيبين لما كلفا وَيكون اعْتِقَاد وُجُوبه على من أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى وُجُوبه عَلَيْهِ علما وَالْخَبَر عَن وُجُوبه عَلَيْهِ صدقا وَكَذَلِكَ اعْتِقَاد نفي وُجُوبه وَالْخَبَر عَن نفي وُجُوبه على من أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى نفي وُجُوبه كَمَا أَن اعْتِقَاد الطَّاهِر وجوب الصَّلَاة عَلَيْهَا علم وخبرها عَن ذَلِك صدق وَكَذَلِكَ اعْتِقَاد الْحَائِض نفي