الْمَنْع مَا اجمعت الصَّحَابَة على جَوَازه قيل إِن الصَّحَابَة لم تنص على جَوَاز نسخ الْقُرْآن بِالْقِيَاسِ وَإِنَّمَا أَجمعت على تَخْصِيصه بِالْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَلَيْسَ يمْتَنع أَن يرد التَّعَبُّد بِأَحَدِهِمَا دون الآخر لوجه الْمصلحَة يفترقان فِيهِ لَا يُعلمهُ إِلَّا الله عز وَجل أَلا ترى أَنه كَانَ يجوز وُرُود النَّص بِالْفرقِ بَين التَّخْصِيص والنسخ بِالْقِيَاسِ وَأجَاب الشَّيْخ أَبُو هَاشم رَحمَه الله بِأَنَّهُ إِنَّمَا لم يجز النّسخ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن ينزل الله عز وَجل نصا وَيجْعَل الْعَمَل بِهِ مَوْقُوفا على اجتهادنا وَإِنَّمَا الْجَائِز صرفه من وَجه إِلَى وَجه بِالِاجْتِهَادِ وَلقَائِل أَن يَقُول إِن كَون الْعَمَل بِالنَّصِّ مَوْقُوفا على اجتهادنا مَعْنَاهُ أَنا نجوز أَن لَا يعْمل بِهِ أصلا إِذا أدّى الِاجْتِهَاد إِلَى ذَلِك وَلَيْسَ هَذَا سَبِيل النّسخ من الْمَنْسُوخ قد عمل بِهِ فِي حَال مُتَقَدّمَة فان كَانَ إِخْرَاج بعض الْأَشْخَاص من كَونهم مرادين بِالْخِطَابِ هُوَ صرف للخطاب من جِهَة إِلَى جِهَة وَلَيْسَ هُوَ إيقاف الْخطاب على اجتهادنا فَكَذَلِك إِخْرَاج حكم الْخطاب فِي بعض الْأَزْمَان دون بعض هُوَ صرف الْخطاب من جِهَة إِلَى جِهَة وَأجَاب أَصْحَاب الشَّافِعِي عَن الشُّبْهَة بِأَن النّسخ إِنَّمَا لم يَصح بِالْقِيَاسِ لِأَن كَونه نَاسِخا للنَّص بِخِلَافِهِ وَالْقِيَاس لَا يَصح إِذا دَفعه النَّص فوقوع النّسخ بِهِ وُقُوع بِدَلِيل فَاسد وَهَذَا لَا يَصح لِأَن الْقيَاس إِذا نسخ الْكتاب لم يكن الْكتاب بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ يبطل حكمه وَإِنَّمَا يقصر حكمه على بعض الْأَزْمَان كَمَا أَن الْقيَاس إِذا خصّه لم يكن النَّص بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ لم يرفعهُ بِالْقِيَاسِ وَإِنَّمَا قصره على بعض الْأَشْخَاص
وَمِنْهَا قَوْلهم من شَرط الْقيَاس أَن لَا يردهُ النَّص لِأَن الامة أَجمعت على هَذَا الشَّرْط وَإِذا كَانَ الْعُمُوم بِخِلَاف الْقيَاس فقد رده النَّص الْجَواب يُقَال لَهُم إِن أردتم برد النَّص أَن يكون الْقيَاس دافعا لَهُ أصلا فَكَذَلِك نقُول وَلَيْسَ ذَلِك مَوْجُودا فِي مَسْأَلَتنَا وَإِن أردتم أَن يكون الْقيَاس يُنَافِي بعض مَا اقْتَضَاهُ الْعُمُوم فَلَيْسَ فَسَاد مَا هَذِه سَبيله يجمع بل هُوَ مَوضِع الْخلاف