المعتمد (صفحة 680)

كَمَا أَن قَوْلنَا الْإِنْسَان حَيَوَان يلْزمه أَن مَا لَيْسَ بحيوان فَلَيْسَ بانسان وَلَا يلْزمه مِنْهُ أَن مَا لَيْسَ بانسان فَلَيْسَ بحيوان وَيبين ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو قَالَ زيد لَيْسَ فِي الدَّار لبطل القَوْل بِأَن زيدا فِي الدَّار وَلَا يجب إِذا لم يخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك أَن يَصح القَوْل بِأَنَّهُ فِي الدَّار فان قَالَ ألستم تنفون وجوب صَلَاة سادسة لعدم الدّلَالَة فَيجوز مثله فِي الْعلَّة قيل إِنَّمَا نفي ذَلِك شُيُوخنَا لعلمهم باضطرار أَن ذَلِك لَيْسَ من الدّين وَلَو لم يعلم ذَلِك باضطرار لنفيناه لدلَالَة وَهِي أَنه لَو وَجَبت لدلنا الله سُبْحَانَهُ على ذَلِك فان قَالُوا قُولُوا لَو لم يكن الْعلَّة صَحِيحَة لأعلمنا الله تَعَالَى ذَلِك قيل يَكْفِي فِي النَّفْي فقد دلَالَة الْإِثْبَات وَلَا يَكْفِي فِي الْإِثْبَات فقد دلَالَة النَّفْي أَلا ترى أَنا ننفي صَلَاة سادسة لفقد الدَّلِيل على وُجُوبهَا وَلَا نوجبها لفقد الدَّلِيل على نَفيهَا وَذَلِكَ أَن الأَصْل نفي وُجُوبهَا فَلَا ننتقل عَنهُ إِلَّا بِدَلِيل وَالْأَصْل أَنا غير معتقدين لصِحَّة الْعلَّة فَلَا ننتقل عَن ذَلِكُم إِلَّا بِدَلِيل فان قَالُوا عجز الْخصم عَن إفسادها يدل على صِحَّتهَا قيل الْخصم قد يعجز عَن إِفْسَاد الْفَاسِد وَأكْثر مَا فِي عَجزه أَن يكون قد سلمت الْعلَّة من وُجُوه الْفساد وَقد تقدم الْكَلَام فِي ذَلِك

وَهَذَا هُوَ الْكَلَام فِي طَرِيق الْعلَّة وَنحن نتكلم الْآن فِي الْعلَّة من حَيْثُ هِيَ عِلّة حكم الأَصْل وَمَا يتَّصل بذلك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْكَلَام فِي حكم الأَصْل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن الْوَصْف لَا يَصح كَونه عِلّة حكم الأَصْل إِلَّا وَالْحكم مَوْجُود فِي الأَصْل فَيَنْبَغِي أَن ينظر الْإِنْسَان هَل الحكم مَوْجُود فِي الأَصْل ام لَا فانه قد يقيس الْإِنْسَان على أصل لَا يسلم خَصمه وجود الحكم فِيهِ وَقد يكون الحكم مَوْجُودا فِي بعض الأَصْل دون بعض وَيكون القائس قد رام رد الْفَرْع إِلَى جَمِيع الأَصْل فَلَا يُمكنهُ ذَلِك فان رام رده إِلَى الْموضع الَّذِي وجد فِيهِ وَلم يمْنَع من ذَلِك مَانع من إِجْمَاع أَو غَيره جَازَ ذَلِك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015