أبي عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ لَا يعتمدها وَيَقُول يجب أَن يقوى بغَيْرهَا وَالْأولَى كَونهَا مُعْتَمدَة بِنَفسِهَا فان قيل إِن كَانَ للْأَصْل وصف آخر يُوجد الحكم بِوُجُودِهِ وينتفي بانتفائه مَا قَوْلكُم فِيهِ قيل إِنَّه إِذا كَانَ الحكم يُوجد مَعَ وجود كل وَاحِد من الوصفين لم يكن الحكم يَنْتَفِي عِنْد انْتِفَاء كل وَاحِد مِنْهَا على كل حَال إِلَّا أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مُؤثر فِيهِ لِأَنَّهُ قد كفى كل وَاحِد من الوصفين فِي وجود الحكم وَأثر عَدمه فِي عَدمه على بعض الْوُجُوه وَهُوَ إِذا لم يخلفه الْوَصْف الآخر
وَمِنْهَا أَن يجمع الْأمة أَو القائسون مِنْهَا على تَعْلِيل أصل ويختلفوا فِي علته فَيبْطل إِلَّا عِلّة وَاحِدَة فَيعلم صِحَّتهَا لِأَنَّهَا لَو فَسدتْ لخرج الْحق عَن أَيدي الْأمة فَأَما إِذا لم يجمعوا على تَعْلِيل الأَصْل بل علله فَمنهمْ من علله بعلة وَمِنْهُم من علله بِأُخْرَى وفسدت إِحْدَاهمَا فانه لَا يجب صِحَة الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إفسادها ذهَاب جَمِيع الْأمة عَن الْحق وَلَا فِي سلامتها من وُجُوه الْفساد مَا يُوجب صِحَّتهَا على أَن من أقوى وُجُوه الْفساد أَن لَا يدل دَلِيل على صِحَّتهَا وَقد ذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الدَّرْس أَن قيام الدّلَالَة على التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ يُوجب الْقيَاس على كل حَال إِلَّا أَن يمْنَع من ذَلِك مَانع وَلقَائِل أَن يَقُول إِن أقوى الْمَوَانِع أَن لَا يظفر بعلة قد دلّ الدَّلِيل على صِحَّتهَا وَمِمَّا ذكر من الطّرق أَن يكون الحكم مجاورا لأحد الوصفين دون الآخر فَيكون مَا جاوره الحكم عِلّة دون مَا لم يجاوره ولمعترض أَن يَقُول إِن كَانَ الحكم المجاور للوصف حَاصِلا عِنْده وَإِن عدم الْوَصْف الآخر ومرتفعا عِنْد ارتفاعه وَإِن وجد الْوَصْف الآخر فَهَذَا رُجُوع إِلَى أَن الحكم قد وجد بِوُجُود الْوَصْف وانتفى بانتفائه وَلم يُوجد بِوُجُود وصف آخر وَلَا انْتَفَى بانتفائه وَإِن أُرِيد أَن الحكم قد يَتَجَدَّد عِنْد تجدّد أحد الوصفين وَلَا بُد من تقدم وجود الْوَصْف الآخر فانه لَا يدل ذَلِك على أَن أحد الوصفين هُوَ الْعلَّة وَحده لِأَنَّهُ لَيْسَ يَكْفِي حُصُوله وَحده كالرجم المتجدد اسْتِحْقَاقه عِنْد تجدّد الزِّنَا لَيْسَ يَكْفِي فِيهِ الزِّنَا إِلَّا بعد تقدم الْإِحْصَان فَوَجَبَ اعتبارهما وَإِن كَانَ الْإِحْصَان شرطا